مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٢٩
قلت: وهكذا لفظ التهذيب وقد تقدم ذلك في لفظ الام صريحا. قال ابن فرحون في مناسكه: للولي أن يحج بالصبي ويلبي الطفل الذي يتكلم والذي لا يتكلم لا يلبي عنه.
وكيفية إحرام الصبي أن ينوي الولي إدخاله في الاحرام ولا يلزمه أن يدخله عند الميقات بل له أن يؤخر إحرامه حتى يدنو من الحرم، وإذا نوى إدخاله في الاحرام جرده من المخيط فيعقد إحرامه بذلك الفعل انتهى.
تنبيها ت: الأول: علم من هذه النصوص أن الصبي يؤخر إحرامه إلى قرب الحرم ولم أر من قال إنه يحرم به من الميقات ويؤخر تجريده إلى قرب الحرم إلا ما وقع في كلام شارح العمدة وابن بشير في التنبيه. وكذلك ما وقع في عبارة ابن عبد السلام فإنه يوهم ذلك لأنه حكى لفظ المدونة السابق أعني قوله: وإذا حج بالصبي أبوه إلى آخره بلفظ: قال في المدونة:
وإذا أحرم بالصبي أبوه وهو لا يجتنب ما يؤمر به مثل ابن سبع سنين وثمانية فلا يجرده حتى يدنو من الحرم. قال ابن عبد السلام: فقد يقال إنه يخرج من هذه أن الاحرام ينعقد بالنية دون أن ينضم إليها قول ولا فعل فهو خلاف ما يقول المؤلف وغيره، لكن المؤلف جعل من الأفعال التي ينعقد بها الاحرام مع النية وتقوم مقام التجرد التوجه على الطريق فبذلك ينعقد إحرام الصبي الصغير الذي يجرد من الميقات انتهى.
قلت: وما ذكره عن المدونة أعني قوله وإذا أحرم بالصبي لم أر من ذكره بهذا اللفظ إلا ابن المنير في اختصاره لتهذيب البراذعي، ولم أره في شئ من نسخ التهذيب بهذا اللفظ، والذي رأيته في الام وفي نسخ التهذيب وفي اختصار ابن أبي زمنين وابن يونس والشيخ أبي محمد بن أبي زيد وصاحب الطراز إنما هو بلفظ: وإذا حج بالصبي أبوه كما تقدم وهو الصواب. وقد تقدم في نص المدونة أنه إذا أحرم به يجنبه ما يجتنب الكبير. ونص كلام شارح العمدة في إحرام الصبي: ولا يجاوز الميقات إلا محرما لكن لا يجرد الطفل الصغير جدا من الميقات للمشقة وخوف الاضرار به حتى يقارب الحرم ويفدى عنه انتهى. ونص كلام ابن بشير في التنبيه: ومتى يجرد الصبي من المخيط أما الكبير فكالبالغ وأما الصغير فإذا خيف عليه أخر تجريده وأفدى عنه انتهى. فكلامهما أيضا يوهم أنه لا يؤخر إحرامه وهو خلاف مذهب المدونة كما تقدم. وجعل البساطي ما ذكرته في حل كلام المصنف احتمالا ونقله عن الشارح ورده، وقد علمت أن ما حملنا عليه كلام المصنف وذكره الشارح احتمالا هو المتعين. ونص كلام البساطي: وهذا التجريد مخالف لتجريد المحرم فإنه إنما يكون قرب الحرم وهو معمول مجرد.
وأجاز الشارح أن يكون قيدا في يحرم وجرد معا ولكن قوله في المدونة ولا يجرد إلا قرب الحرم دليل على ما قلنا.
فإن قلت: قد قال في الجلاب: ولا بأس أن يؤخر إحرام الصبي عن الميقات إلى قرب
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست