مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٢٧
لأن الشيخ في التوضيح نقله في غير هذا الموضع. وقال ابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب: يجب بالاسلام إلى آخره بعد أن ذكر كلام الموازية. قال الباجي: هو على الاستحباب انتهى. فهذا تصريح من ابن عبد السلام عن الباجي أنه حمل كلام الموازية على الاستحباب، ويعني به أن ترك الاحرام بالرضيع مستحب والله أعلم. والأصل في الحج بالصغير ما رواه مالك في الموطأ أنه (ص) مر بامرأة وهي في محفتها فقيل لها: هذا رسول الله (ص) فأخذت بضبعي صبي كان معها فقالت ألهذا حج يا رسول الله؟ فقال: نعم ولك أجر. رواه مسلم في صحيحه. قال في الاكمال: ولا خلاف بين أئمة العلم في جواز الحج بالصبيان إلا قوما من أهل البدع منعوه ولا يلتفت لقولهم، وفعل النبي (ص) لذلك وإجماع الأئمة والصحابة يرد قولهم. وإنما الخلاف للعلماء هل ينعقد عليهم حكم الحج؟ وفائدة الخلاف إلزامهم من الفدية والدم والجبر ما يلزم الكبير أم لا. فأبو حنيفة لا يلزمهم شيئا وإنما يتجنب عنده ما يتجنب المحرم على طريق التعليم والتمرين، وسائرهم يلزمونه ذلك ويرون حكم الحج منعقدا عليه إذا جعل له النبي (ص) حجا، وأجمعوا على أنه لا يجزيه إذا بلغ من الفريضة إلا فرقة شذت فقالت يجزيه ولم يلتفت العلماء إلى قولها. ثم اختلفوا فيمن أحرم وهو صبي فبلغ قبل عمل شئ من الحج. فقال مالك: لا يرفض إحرامه ويتم حجه ولا يجزئه عن حجة الاسلام. قال: وإن استأنف الاحرام قبل الوقوف بعرفة أجزأه عن حجة الاسلام. وقيل: يجزيه إن نوى بإحرامه الأول حجة الاسلام. وقال أبو حنيفة: يلزمه تجديد النية ورفض الأولى. وقال الشافعي: تجزئه ولا يحتاج إلى تجديد نية. وكذلك اختلفوا على هذا في العبد يحرم ثم يعتق سواء. واختلف عن مالك في الرضيع ومن لا يفقه، هل يحج به؟ وحمل أصحابنا قوله بالمنع إنما هو على الاستحباب لتركه والكراهة لفعله لا على التحريم. انتهى كلام صاحب الاكمال. وما ذكره صاحب الاكمال من الاجزاء إذا أستأنف الاحرام أو نوى بإحرامه الأول الفرض مخالف لنص المدونة، وسيأتي الكلام على ذلك مستوفى في شرح قول المصنف وشرط وجوبه كوقوعه فرضا حرية وتكليف. وإذا صح الاحرام بالحج والعمرة من الصبي ولو كان رضيعا ومن المجنون فيحرم عنها وليهما قرب الحرم وتجديد كل منهما ينوي الاحرام. فقول المصنف قرب الحرم متعلق بقوله فيحرم والمعنى فيحرم الولي عن الرضيع قرب الحرم وذلك بأن ينوي أنه أدخله في حرمة الاحرام، وإذا أراد الاحرام به جرده، ولو قدم قوله قرب الحرم على قوله وجرد لكان أحسن وأبين فإن كلامه يوهم أنه متعلق بجرد بل هو المتبادر فيفهم منه أن الولي يحرم عنه من الميقات تجريده إلى قرب الحرم وهذا مشكل، فإن مذهب المدونة أنه بمجرد إحرامه يجنب ما يجنبه الكبير وذلك أن غير البالغ ثلاثة أقسام: مناهز ورضيع وبين ذلك. ويجوز للولي أن يدخل الجميع بغير إحرام وأن يحرم بهم من الميقات أو بعده أو قرب الحرم لكن الأولى أن يؤخر إحرام الرضيع ومن فوقه ممن لا يجتنب ما ينهى عنه إلى قرب الحرم، وأن يحرم المناهز من
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»
الفهرست