مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٣٢
للصبي درجة وحسنة في الآخرة بصلاته وزكاته وحجه وسائر أعمال البر التي يعملها ويؤديها على سنتها تفضلا من الله كما تفضل على الميت بأن يؤجر بصدقة الحي عنه. ألا ترى أنهم أجمعوا على أمر الصبي بالصلاة إذا عقلها، وصلى (ص) بأنس واليتيم، وأكثر السلف على إيجاب الزكاة في أموال اليتامى، ويستحيل أن لا يؤجر على ذلك. وكذلك وصاياهم وللذي يقوم بذلك عنهم أجر لعمري كما للذي يحجبهم أجر فضلا من الله ونعمة. وقد روي عن عمر أنه قال:
يكتب للصغير حسناته ولا تكتب عليه سيئاته ولا عملت له مخالفا ممن يجب اتباع قوله انتهى.
وفي الاكمال قال كثير من العلماء: إن الصبي يثاب على طاعته وتكتب له حسناته دون سيئاته، وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه. واختلف هل هم مخاطبون على جهة الندب أو غير مخاطبين وإنما يخاطب أوليائهم بحملهم على آداب الشريعة وتمرينهم عليها وأخذهم بأحكامها في أنفسهم وأموالهم؟ وهذا هو الصحيح. ولا يبعد مع هذا أن يتفضل الله بادخار ثواب ما عملوه من ذلك لهم انتهى. وقال في أوائل المقدمات: للصبي حالان: لا يعقل فيها معنى القربة فهو فيها كالبهيمة والمجنون ليس بمخاطب بعبادة ولا مندوب إلى فعل طاعة. وحال يعقل فيها معنى القربة فاختلف هل هو فيها مندوب إلى فعل طاعة كالصلاة والصيام والوصية عند الممات وما أشبه ذلك؟ فقيل: إنه مندوب إليه. وقيل: إنه ليس بمندوب إلى فعل شئ وإن وليه هو المخاطب بتعليمه والمأجور على ذلك. والصواب عندي أنهما جميعا مندوبان إلى ذلك مأجوران عليه. قال (ص) للمرأة ولك أجر الحديث المتقدم والله أعلم. وقال ابن جماعة: وعند الأربعة أن الصبي يثاب على طاعته وتكتب له حسناته كان مميزا أو غير مميز، ويروى ذلك عن عمر رضي الله عنه. ونقل بعض العلماء الاجماع على ذلك ويدل له ما قدمناه في باب الفضائل عن النبي (ص) أنه قال جهاد الكبير والصغير الحج والعمرة وحديث المرأة التي رفعت صبيا. انتهى من منسكه الكبير. وسيأتي الكلام على ما إذا بلغ الصبي بعد إحرامه عند قول المؤلف وشرط وجوبه إلى آخره.
الثامن: قال في المدونة: ولا بأس أن يحرم بالأصاغر الذكور وفي أرجلهم الخلاخل وفي أيديهم الأسورة. وكره مالك للصبيان الذكور حلي الذهب انتهى. والكلام على هذا من وجهين: الأول إباحة لبس الحلي لهم وهذا محله عند قول المصنف وحرم استعمال ذكر محلى. والثاني كونه لم يأمرهم بنزعه عند الاحرام فقال في الطراز: لا يختلف المذهب أن الصبي منع من لباس المخيط ويجتنب ما يجتنب الكبير. وإنما خرج قوله في ذلك مخرج قوله في مختصر ما ليس بالمختصر لا بأس أن يلبس المحرم الخاتم فلم يجعله من جنس المخيط ولا في معناه. ومن منع الخاتم للرجال منه أيضا للصبي الخلخالين والسوارين انتهى. وقول ابن عرفة وفي كتاب محمد: لا بأس أن يترك عليه مثل القلادة والسوارين. ثم ذكر مسألة المدونة وكلام الشيوخ في إباحة المحلى لهم ثم قال التونسي: يشغل السوار والخلخال محله خلاف قوله ينزع الكبير في إحرامه ما بعنقه من كتب انتهى. وقد رأيت كلام التونسي في تعليقه فعلم
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»
الفهرست