مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٤٣
وشرط في وقوعه فرضا. فذكر المصنف أولا شرط الصحة وهو الاسلام فقط، وذكر هنا شروط وجوبه وشروط وقوعه فرضا. فقال: وشرط وجوبه فرضا إلى آخره. يعني أن شروط وجوب الحج الحرية والتكليف أي كون الشخص مكلفا وهو العاقل البالغ، وشرط وقوعه فرضا الحرية والتكليف وخلوه عن نية النفل فيكون شروط وجوبه ثلاثة: الحرية والبلوغ والعقل. وشروط وقوعه فرضا أربعة: هذه الثلاثة وخلوه عن نية النفل. فلا يجب الحج على عبد ولا على من فيه شائبة رق من مكاتب ومدبر ومعتق لأجل وأم ولد ومعتق بعضه - ولو كان أكثره - ولا على من ليس ببالغ ولا على مجنون، ويصح من جميعهم إذا كانوا محكوما بإسلامهم. ولا يقع فرضا ممن ذكرنا ولو نووا الفرض. وقوله: وقت إحرامه راجع إلى الأخير يعني أن الحرية والتكليف إنما يعتبران في وقوعه فرضا وقت الاحرام به. فمن كان وقت الاحرام حرا مكلفا صح إحرامه بالفرض، ومن لم يكن حرا أو مكلفا وقت الاحرام الذي أذن فيه السيد أو الولي فلا يصح منه الفرض ولو صار من أهل الوجوب بعد ذلك قبل الوقوف بعرفة. فلو أحرم العبد في حال رقه ثم عتق أو أحرم الصبي قبل بلوغه أو الجارية قبل بلوغها ثم بلغا فلا ينقلب ذلك الاحرام فرضا ولا يجزئ عن الفرض، ولو رفضوه ونووا الاحرام بحج بالفرض لم يرتفض وهم باقون على إحرامهم، ولو حصل العتق والبلوغ قبل الوقوف بعرفة. هذا هو المعروف في المذهب. وقال الشافعي وابن حنبل: يجزيهما إذا كان العتق والبلوغ قبل الوقوف. وأما أبو حنيفة فوافقهما في العبد ومنع انعقاد إحرام الصبي بالكلية. وقال في الاكمال: اختلف العلماء فيمن أحرم وهو صبي ثم بلغ قبل عمل شئ من الحج فقال مالك: لا يرفض إحرامه ويتم حجه ولا يجزيه عن حجة الاسلام. قال: وإن استأنف الاحرام قبل الوقوف بعرفة أجزأه لحجة الاسلام. وقيل: يجزئه إن نوى في إحرامه الأول حجة الاسلام انتهى. وقال المصنف في التوضيح إثر نقله كلامه: ولم أر من وافقه على الاجزاء فيما إذا استأنف الاحرام، وأما إذا نوى بإحرامه الأول الفرض على أنه يمكن أن يحمل قوله وإن استأنف الاحرام على أن يكون مراده إذا لم يكن محرما فانظره انتهى.
قلت: هذا الحمل بعيد من لفظه، وما ذكره القاضي عياض مخالف لنص المدونة. قال فيها: ولو أحرم العبد قبل عتقه والصبي والجارية قبل البلوغ تمادوا على حجهم ولم يجز لهم أن يجددوا إحراما ولا تجزيهم عن حجة الاسلام انتهى. ولفظ الطراز أبين فإنه قال قال مالك في الصبي يحرم ثم يبلغ عشية عرفة أو قبلها فيجدد إحراما: إنه لا يجزئ عن حجة الاسلام وكذلك الجارية انتهى. ولفظ الطراز أبين فإنه قال قال مالك في الصبي يحرم ثم يبلغ عشية عرفة أو قبلها فيجدد إحراما: إنه لا يجزي عن حجة الاسلام وكذلك الجارية انتهى. وقال في مختصر الواضحة قال: لو إن غلاما مراهقا أحرم بالحج ثم احتلم مضى على إحرامه الأول ولا يجزيه عن حجة القريضة ولا يجزيه أن يردف إحراما على إحرامه الأول انتهى. وقال سند في الرد على الشافعي: لأن إحرامه انعقد نفلا إجماعا وما عقد نفلا لا ينقلب فرضا كسائر العبادات انتهى. وقال في التوضيح قبل نقله كلام الاكمال السابق:
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»
الفهرست