مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٤٧
عن البلوغ قاله ابن بشير. وقال أيضا. وأما الحرية فمذهب الجمهور أنها شرط في الوجوب لان العبيد مستغرقون بحقوق السادات، والحج مشروع بالاستطاعة وهم غير مستطيعين. وقيل: في إسقاطه عنهم أنهم غير داخلين في الخطاب. وقد اختلف الأصوليون في دخولهم في خطاب الأحرار والصحيح دخولهم انتهى. وكون شروط الوجوب الحرية والبلوغ والعقل هو على ما قاله القرافي لأنه لم يجعل الاستطاعة شرطا بل جعلها سببا وهو ظاهر كلام المؤلف في هذا الكتاب. وعلى قول أكثر المذاهب من أنها شرط فنقول: شروط الوجوب الثلاثة المذكورة والاستطاعة. وبعضهم يزيد تخلية الطريق وإمكان السير وهما داخلان في فروع الاستطاعة.
وأبو حنيفة وابن حنبل يزيدان شرطا آخر وهو المحرم في حق المرأة وليس شرطا عندنا، وتقدم أيضا أن شرط الصحة هو الاسلام فقط وهذا هو المشهور. وعلى قول الباجي هو والعقل وعلى ما نقل ابن الحاج وغيره هما والاستطاعة والله أعلم. ص: (ووجب باستطاعة) ش: لما كان الحكم الشرعي يتوقف على وجوب شرطه وسببه وانتفاء مانعه، وفرغ المصنف من بيان شروط الحج ذكر هنا سببه وسيذكر في آخر الحج موانعه. فقال: ووجب باستطاعة يعني أن سبب وجوب الحج الاستطاعة. وأفرادها عن شروط الحج وعدم عطفها عليها وإدخال الباء الدالة على السببية عليها يدل على أنه أراد ما ذكرناه. وهكذا قال القرافي في الذخيرة ونصه: قال الله تعالى * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * وترتيب الحكم على الوصف يدل على سببية ذلك الوصف لذلك الحكم كقولنا زنا فرجم، وسرق فقطع، وسها فسجد، وقد رتب الله سبحانه الوجوب بحرف على للاستطاعة فتكون سببا له انتهى.
وتبعه التادلي وابن فرحون في مناسكه، وأكثرها أهل المذهب يجعلون الاستطاعة من شروط الوجوب وعلى ذلك مشى ابن بشير وابن شاس وابن الحاجب والمصنف في مناسكه وابن عرفة وغيرهم. وتقدم عن بعضهم أنها من شروط الصحة، منهم ابن الحاجب ونقله عنه التادلي بعد ذكره القول الأول، وإليه أشار في الشامل فقال: والاستطاعة شرط في وجوبه لا في صحته على الأصح انتهى. ونقله الشيخ أحمد زروق ونصه: والاستطاعة هي شروط وجوب لا صحة على الأصح انتهى. ومقابل الأصح هو ما تقدم عن ابن الحاجب وغيره ونحوه في عبارة التلقين ونصه: وشرط أدائه شيئان: الاسلام وإمكان المسير. قال مؤلف طراز التلقين: عده إمكان المسير شرط أداء وهو شرط وجوب إذ هو من لواحق الاستطاعة. ووجه قوله هذا هو أن لا يتصور له حج إلا على وجه يغرر فيه بنفسه وماله وقد تحققه فيكون حجه على هذا معصية ولا يكون قربة فلا تبرأ به ذمته ويكون كحج الكافر قبل إسلامه، فيتوجه على هذا أن يقال: هو شرط للأداء وللوجوب انتهى. وقد تقدم أنه إنما يتصور هذا حيث يقع الاحرام وهو غير مستطيع،
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست