مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٥١
كان الحج متركبا من عمل بدني وعمل مالي، ورد النص في الحديث الشريف بقبول النيابة فيه في حق المغصوب وهو كما قال ابن عرفة وغيره: من لا يرجى ثبوته على الراحلة.
الباجي: كالزمن والهرم. فالسلطان المذكور إن تحقق أن ما خشيه من اختلال أمور الرعية وصف لا يرجى زواله فهو كالمغصوب، ومشهور المذهب جواز الاستنابة فيه بمعنى أن له أجر النفقة والدعاء، وإن رجى زوال ما خشيه فلا يجوز فيه الاستنابة كالمريض المرجو صحته ومن في معناه والحالة هذه. ورأيت بخط القاضي عبد القادر الأنصاري صورة استئجار ونصه باختصار: لما عظم الله حرمة البيت وأوجب حجه وكان السلطان أبو عبد الله محمد بن نصر الأنصاري السعدي الخزرجي ممن شطت به الديار واشتغل بما تعين عليه من الجهاد في ذات الله فلحق بمن عجز عن زيارة البيت، أحب أن يستنيب في الحج على أحد الأقوال في مذهب مالك رضي الله عنه وإن كان غير مشهور لما نص عليه بعض العلماء من أن هذا القول هو الصحيح واستدل له بما في صحيح مسلم انتهى. ولعل القول الغير المشهور هو ما مشى عليه مؤلف المختصر من أنه يكره للعاجز، والقول المشهور هو ظاهر كلام ابن الحاجب حيث قال: ولا استنابة للعاجز على المشهور فإن بعض الشراح أبقاه على ظاهره من المنع فتأمله. وقال الآبي في شرح مسلم في حديث الخثعمية لما تكلم على الاستطاعة ونقل أن القادر لا يستنيب اتفاقا وإجماعا: وهذا الذي يفعل اليوم كثير من شراء الحجات ويقولون إنه على مذهب المخالف هو والله أعلم. إنما يفعل في حق من تعذر عليه الوصول. وفعله الشيخ أبو عبد الله عام حج فذكر أنه اشترى للخليفة سلطان إفريقية الأمير أحمد أبي العباس حجة انتهى. وأجاب سيدي الإمام محمد بن زين الدين القطان الشافعي إمام مسجد الرسول (ص) وخطيبه بما نصه: الذي رضي به السبكي ونقله البلقيني عن نص الشافعي أن هذا من الحصر الخاص وأنه لا يمنع الوجوب ويلزمه الحج ويستنيب من يحج عنه إن أيس من القدرة على ذلك بنفسه ولم يتمكن منه لما يحصل من الضرر ويكون كالمغصوب. فإذا زال عذره وقدر على الحج بنفسه وجب عليه الحج ولا يسقط عنه بفعل النائب. لكن مقتضى كلام النووي والرافعي في باب الاحصار أن المعتمد في المذهب عدم وجوب الحج عليه ولا يستقر في ذمته، وأن الحصر الخاص يمنع الوجوب فيمتنع الاستئجار عند اليأس لعدم الوجوب والله أعلم بالصواب.
السادس: قال الشيخ زروق في شرح الوغليسية: انظر هل يجب على أهل الخطوات وإذا فعل هل يجزئه أو لا بد من اعتبار فعله (ص)؟ انتهى.
قلت: أما الاجزاء فالظاهر أنه لا مانع منه، وأما الوجوب فمحل نظر كما قال والله أعلم.
السابع: شمل قوله وأمن على نفس إلا من القتل والأسر والامن على البضع ولا
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست