مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٥٦
المغرب وأن من غر وحج سقط فرضه ولكنه آثم بما ارتكب من الغرر. وذكر عن مدخل ابن طلحة أن السبيل السابلة اسم لا يكاد يوجد ثم ذكر عنه أنه قال: لقيت في الطريق ما اعتقدت أن الحج معه ساقط عن أهل المغرب بل حرام. وذكر عن ابن العربي أنه رد هذا ونصه: وفي تعليق المازري ما نصه: قد علق الله الحج على الاستطاعة، وبين العلماء أن الاستطاعة هي الوصول إلى البيت من غير مشقة مع الامن على النفس والمال والتمكن من إقامة الفرائض وترك التفريط وارتكاب المناكير. وسبب هذه الشروط أن الشيخ أبا الوليد أفتى بسقوط الحج عن أهل الأندلس وأفتى الطرطوشي بأنه حرام على أهل المغرب، فمن غر وحج سقط فرضه ولكنه آثم بما ارتكب من الغرر وهذا قول أئمة المسلمين المقتدى بهم فأعلموه واعتقدوه. وفي مدخل ابن طلحة: السبيل السابلة اسم لا يكاد يوجد له مسمى فلقد دخلت الطريق من الأندلس إلى إشبيلية ثم إلى بجاية وعبرت الزقاق وتخيلت وجود السبيل ثم خرجت إلى المهدية فلقيت في بلاد المغرب ما اعتقدت أن الحج معه ساقط على أهل المغرب بل حرام ثم قال: ولكن الانصراف فيما بين الله وبين العبد أولى من تقحم هذه المخاطرات ولله الامر من قبل ومن بعد وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم. ورد ابن العربي على هؤلاء فقال: العجب ممن يقول الحج ساقط عن أهل المغرب وهو يسافر من قطر إلى قطر ويقطع المخاوف ويخرق البحار في مقاصد دينية ودنيوية والحال واحد في الخوف والامن والحلال والحرام وإنفاق المال وإعطائه في الطريق وغيره لمن لا يرضى. انتهى ما نقله التادلي ونقله ابن فرحون. وقال ابن معلى.
إشارة صوفية: قال الإمام أبو عبد الله المازري حين تكلم على هذه المسألة أعني مسألة سقوط فرض الحج عمن يكره على دفع مال غير مجحف به لظالم استغرمه إياه ما نصه: وقد خاض في هذه المسألة المتأخرون وأكثروا فيها القول، فكل تعلق بمقدار ما يكثر على سمعه من المسافرين إلى مكة شرفها الله من تهويل ما يجري على الحجاج قال: ولقد حضرت مجلس شيخنا أبي الحسن اللخمي بصفاقص وحوله جمع من أهل العلم من تلامذته وهم يتكلمون على هذه المسألة فأكثروا القول والتنازع فيها. فمن قائل بالاسقاط، ومن متوقف صامت، والشيخ رحمه الله لا يتكلم وكان معنا في المجلس الشيخ أبو الطيب الواعظ وكنا ما أبصرناه فأدخل رأسه في الحلقة وخاطب الشيخ اللخمي وقال: يا مولاي الشيخ:
إن كان سفك دمي أقصى مرادهم * فما غلت نظرة منهم بسفك دمي فاستحسن اللخمي هذه الإشارة من جهة طرق المتصوفة لا من جهة التفقه انتهى. ونقله التادلي قال: وأنشد في السراج:
قالوا توق رجال الحي إن لهم * عينا عليك إذا ما نمت لم تنم (فقلت) إن دمي أقصى مرادهم * وما غلت نظرة منهم بسفك دمي والله لو علمت نفسي بمن هويت * جاءت على رأسها فضلا عن القدم
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»
الفهرست