مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٥٩
الخامس: إذا لم يقدر على الركوب على القتب والزاملة إلا بمشقة عظيمة اعتبر في حقه وجود المحمل والقدرة عليه كما تقدم في كلام صاحب الطراز قال: ولو لحقته المشقة العظيمة في ركوب المحمل أيضا اعتبر في حقه وجود الكنيسة انتهى. قال ابن جماعة الشافعي:
والكنيسة كما قال المطرزي شبه الهودج انتهى. وقال الشيخ زكريا في شرح الروض: وهي أعواد مرتفعة بجوانب المحمل عليه ستر يدفع الحر والبرد ويسمى في العرف مجموع ذلك محارة وهي مأخوذة من الكنس وهو الستر ومنه قوله تعالى: * (الجوار الكنس) * أي المحجوبة انتهى.
السادس: أطلق أهل المذهب في وجوب تحصيل المركوب بشراء أو غيره ولم يقيدوا ذلك بوجوده بثمن المثل وأجرة المثل، وقيده غيرهم بأن يحصل ذلك بثمن المثل وأجرة المثل كما نقله ابن جماعة في منسكه الكبير. والظاهر من كلام أصحابنا أنه إذا طلب منه أكثر من ذلك وكان قادرا عليه لزمه ذلك والله أعلم. ونص ابن جماعة: وحيث اعتبرنا القدرة على المركوب وما يتعلق به فالمراد عند غير المالكية أن يملكه أو يتمكن من تملكه أو استئجاره بثمن المثل أو أجرة المثل أو زيادة عند الحنابلة كما سيأتي بيانه إن شاء الله. وقال في الزاد: وقال المالكية: إنه يحصل ذلك بشراء وأطلقوا ويشترط أن يكون ما يصرفه في ذلك فاضلا عما يشترط كون الزاد فاضلا عنه وسيأتي بيانه انتهى. وقال في الزاد: ويشترط عند الثلاثة غير الحنفية أن يكون فاضلا عن قضاء دين عليه حال أو مؤجل. وأطلق الحنفية اشتراط أن يكون ذلك فاضلا عن الديون. وقال الشافعية والحنابلة: إذا كان ماله دينا يتيسر تحصيله في الحال فهو كالحاصل في يده وإلا فهو كالمعدوم وهو مقتضى مذهب المالكية انتهى. وقال ابن فرحون في منسكه: فمن قدر على الوصول إلى مكة إما راجلا أو راكبا بشراء أو كراء فقد لزمه فرض الحج انتهى.
السابع: قال عبد الحق في التهذيب: رأيت لبعض أهل العلم أن من تمام الاستطاعة وجود الماء في كل منهل، وذلك أنه لا بد منه لكل أحد فيعتبر وجوده في كل منهل لا دفعة واحدة كالزاد. والفرق بينه وبين الزاد حيث اعتبر دفعة واحدة هو أن العادة في الزاد أن يحمل دفعة واحدة لطول الطريق والماء إنما يحمل في كل منزل. وأيضا لحمل الزاد دفعة لا يشق وفي حمل الماء لطول الطريق مشقة شديدة ومؤنة كبيرة من قبل أن الانسان يحتاج الماء أكثر من الزاد فيشق حمله فلذلك اعتبر وجوده في كل منزل، وهذا الذي ذكره كلام مستقيم فاعلمه انتهى. ونقله المصنف في توضيحه بلفظ: ونقل عبد الحق عن بعض شيوخه أنه يعتبر في الاستطاعة وجود الماء في كمنهل. ونقله ابن عرفة بلفظ: وصوب عبد الحق قول بعض العلماء من الاستطاعة وجود الماء في كل منهل. ونقله الجزولي في شرح الرسالة بلفظ: من شرط الحج أنه يجد الماء في كل منهل. قاله عبد الحق وهو تفسير للمذهب ونقله التادلي
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»
الفهرست