مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٦٣
عليه أيضا ثياب جمعته إن كثرت قيمتها وكان في ثمنها ما يحج به أو ما يكمل ما يحج به.
والمفلس اسم مفعول من أفلس القاضي الغريم يفلسه تفليسا إذا حكم بفلسه. قال في المقدمات: والتفليس العدم، والتفليس خلع الرجل من ماله لغرمائه، والمفلس المحكوم عليه بحكم المفلس انتهى والله أعلم. ص: (أو بافتقاره أو ترك ولده للصدقة إن لم يخش هلاكا) ش: يعني أنه إذا كان مع المكلف ما يكفيه لسفره لكن إذا سافر وحج يبقى فقيرا لا شئ له. قال في التوضيح: المشهور الوجوب من غير نظر إلى ما يؤل إليه أمره انتهى.
وكذلك إذا كان له أولاد ومعه ما ينفقه عليهم فإذا حج لم يبق لهم شئ بأن يتركهم في الصدقة يأكلون منها فإنه يجب عليه الحج ويتركهم للصدقة أنه يصدق عليه أنه مستطيع إلا أن يخشى الهلاك على نفسه أو على أولاده فإنه يسقط عنه حينئذ الفرض. فقوله إن لم يخش هلاكا راجع للمسألتين معا. وأصل المسألة في سماع محمد بن خالد من كتاب الحج ونصه: سأل ابن القاسم مالكا عن الرجل تكون له القرية ليس له غيرها أيبيعها في حجة الاسلام ويترك أولاده لا شئ لهم يعيشون به؟ فقال: نعم ذلك عليه ويترك ولده في الصدقة. قال محمد بن رشد: وهذا كما قال من أن الرجل يلزمه أن يبيع ضيعته في الحج لأن الله أوجب عليه أن يبيع من ماله في الحج ما يبيعه عليه السلطان في الدين. وأما قوله ويترك ولده في الصدقة فمعناه إذا أمن عليهم الضيعة ولم يخش عليهم الهلاك إن تركهم لأن الله تعالى أوجب عليه نفقتهم في ماله كما أوجب عليهم الحج فيه، فهما حقان لله تعينا عليه في ماله. فإذا ضاق عنهما ولم يحمل إلا أحدهما وجب عليه أن يبدأ بنفقة الولد لئلا يهلكوا لأن خشية الهلاك عليهم تسقط عنه فرض الحج كما لو خشي الهلاك على نفسه.
وهذا على القول بأنه على الفور، وأما على القول بأنه على التراخي بلا إشكال في تبدئة نفقة الولد. فإن قيل: لم قيدوا تقيد الحج على نفقة الولد بأن لا يخشى عليهم الهلاك وفي التفليس يؤخذ جميع ماله ولا يترك لنفقة أولاده إلا ما يعيشون به الأيام اليسيرة وإن خشي عليهم الضيعة والهلاك؟ فالجواب: إن الفرق بينهما أن المال في الفلس مال الغرماء، والغرماء لا يلزمونه من نفقة أولاد إلا ما يلزم جميع المسلمين من المواساة، وفي الحج المال ماله وهو يلزمه نفقة أولاده من ماله فافترقا. وهذا بين، وحكم نفقة الأبوين حكم نفقة الابن انتهى.
وقال اللخمي: وقد قيل فيمن له أولاد يخرج ويتركهم وإن تكففوا يريد ما لم يخش عليهم الموت. وأرى أن يقيم معهم وفي خروجه عنهم إذا كانوا يضيعون حرجا والحج ساقط
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»
الفهرست