مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٦٧
التاسع: إذا كان عليه دين فقضاؤه مقدم على الحج بلا خلاف بخلاف دين أبيه فإنه يقدم الحج عليه، سواء قلنا الحج على الفور أو على التراخي، وسواء كان الدين مؤجلا أو حالا.
قاله في الطراز ونصه: ولو كان عليه دين وبيده مال فالدين أحق بماله من الحج. قاله في الموازية. قيل له: فإن كان على أبيه دين أيقضي دين أبيه أم يحج؟ قال: بل يحج وهذا ببين فإن الحج دين عليه، قلنا بالفور أو بالتراخي، ودين أبيه ليس عليه حالا ولا مؤجلا ففعل ما يجب عليه أولى من فعل ما لا يجب عليه انتهى.
العاشر: لو كان الدين الذي عليه من ديون الزكاة وهو يستغرق ما بيده فهل يحج به أو يؤخر دين الزكاة أو يصرف ذلك في الزكاة ويسقط عنه دين الحج؟ لم أر فيه نصا. والظاهر أنه يجب عليه أن يؤدي دين الزكاة ويسقط عنه الحج لأنه واجب أداؤه على الفور اتفاقا وإجماعا، والمتفق عليه أو المجمع عليه مقدم على المختلف فيه، ولان دين الزكاة يسقط الزكاة الحاضرة على المشهور. ولا شك أن الزكاة الحاضرة مقدمة على الحج فيقدم دين الزكاة على الحج من باب أولى. أما لو كان عليه دين كفارات أو هدايا فالظاهر أن الحج مقدم على ذلك لأن هذه على التراخي والراجح في الحج أنه على الفور، وأن لها بدلا وهو الصيام فيرجع إليه.
ورأيت في مسائل سئل عنها القابسي فيمن حلف بصدقة ربع وحنث وعليه الحج قال: إن كان حين حنثه لا يملك غيره فالذي أرى أن يؤخذ من ثمن الربع تصدق به انتهى. ولو نذر صدقة ما بيده من المال أو كان إخراج ثلثه من ماله ينقص ما بيده حتى لا يبقى معه ما يقدر به على الحج، فالظاهر أنه لا يلزمه لأنه نذر معصية لأنه سيأتي أنه لا يجوز له التصدق بالمال الذي صار به مستطيعا، وكذا لو كان ماله كله شيئا معينا كعبد أو دار ونذر التصدق بذلك، فالظاهر أنه لا يلزمه لأنه نذر معصية. ولو حلف ليتصدقن بذلك المال فإن كانت يمينه بالله فليكفر عنها بغير الصوم إن كان الباقي بعد الكفارة يمكنه الحج به وإلا فليكفر بالصوم، وإن كانت يمينه بالطلاق فالظاهر على القول بالفور أنه يجب عليه أن يحج ولو أدى لوقوع الطلاق إلا أن يخشى العنت على نفسه كما تقدم. ويتردد النظر في ذلك على القول بالتراخي إن لم يخش العنت وهذا كله لم أر فيه نصا فليتأمل والله الموفق للصواب.
الحادي عشر: إذا وجد ما يحج به فلا يجوز له أن يتصدق به قاله في المدخل. وكذلك لا يجوز له أن يعتق به رقبة فإن فعل فالعتق ماض والصدقة ماضية لوقوع العقد على شرائطه إلا أن ذلك جرحة في شهادته كما تقدم في كلام صاحب الطراز في التنبيه الثالث، وتقدم الكلام على حكم من يتصدق من ماله بقدر ما يسقط عنه الحج بأبسط من هذا عند قول المصنف في باب الصوم وفطر بسفر قصر فراجعه والله أعلم.
الثاني عشر: من أجر نفسه سنة ثم أراد أن يحج فيها فللمستأجر منعه ولو قيل بالفور، ولا يمنعه من الصلاة لأنه لا كبير ضرر فيها عليه. قاله في الطراز في باب إحرام من يولي عليه.
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»
الفهرست