مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٦٩
بالاعطاء مسألة الولد فقد علم حكمه، وإن أراد غيره فنصوص المذهب صريحة في أنه لا يجب عليه القبول والله أعلم.
الثاني: إذا قلنا لا يجب عليه الحج الدين إذا لم يكن له جهة وفاء فهل يباح له ذلك؟
قال في الشامل: لا باستعطاء ودين لا وفاء له عنده وروي إباحته انتهى. فظاهره أن القول الراجح عدم إباحته وذلك يحتمل الكراهة والتحريم، وكذلك كلام المصنف في مناسكه يقتضي التحريم والكراهة فإنه قال: وبعض الناس يسمع أن الحج واجب فيذهب ويتسلف ولا جهة وفاء له وهو فعل قبيح لأنه يشغل ذمته وكانت بريئة انتهى. والقبيح هو الفعل المنهي عنه شرعا سواء كان حراما أو مكروها. وقوله في الشامل وروي إباحته يقتضي أن فيه قولا بالإباحة ولم أقف عليه. والمنع ظاهر إذا لم يعلم من يقترض منه بأنه لا جهة وفاء له، وأما إذا أعلمه بذلك ورضي بإقراضه فالظاهر عدم المنع ولكنه خلاف الأولى لأنه يشغل ذمته وكانت بريئة والله أعلم.
الثالث: إذا كان الشخص له صنعة يمكنه أن يحصل منها ما يصير به بعد مدة مستطيعا بأن يجمع منها كل يوم ما يفضل عن قوته وحاجته فلا يجب عليه ذلك وله أن يتصدق بما يفضل عن قوته وحاجته. قال صاحب المدخل: ليس على المكلف أن يحتال في تحصيل شئ لم يجب عليه لأن السلامة غالبا في براءة الذمة وذمته الآن بريئة فلا يشغلها بشئ لم يتحقق براءتها فيه، ولا ينافي ذلك أن يكون المكلف في نفسه يحب الحج وينويه ويختاره لأن من شأن المسلم أن يختار طاعة ربه ويحبها لكن يقيد محبته بامتثال الامر فيها، ولم يأمره الشرع بأن يوفر ويحتال ويتسبب في وجوب ذلك عليه بخلاف ما إذا وجب عليه بشرطه فلا يجوز له تركه، فإن تركه والحالة هذه فهو عاص، وإذا وجب عليه الحج فلا يجوز أن يتصدق بما ينفقه فيه ويحتج بأنه لم يجب عليه لأن الصدقة هو بها متطوع والحج فرض عليه والتطوع لا يسد مسد الواجب، وإنما الذي لا يجب عليه التوفية والاحتيال في تحصيل ما يجب به انتهى. وقال المصنف في مناسكه بعد كلامه المتقدم: وقريب منه من يذهب إلى بعض الناس ليحج به معه لأن ذمته كانت بريئة فيدخل نفسه فيما ليس واجبا عليه ويتحمل المنة، وأقبح من ذلك أن بعضهم يطلب من الظلمة الذين يتعين هجرانهم فيكون ذلك سببا لطغيانهم لكونهم يرون من يقتدون به يعاملهم بهذه المعاملة. قال في المدخل: ويطلب من فضلات أوساخهم من دنياهم القذرة المحرمة. وقد يغلب على بعضهم الجهل فتسول له نفسه أنه في طاعة وهيهات أن يطاع الله بمال حرام. قال في المدخل: أو يغره غيره بأنه على طاعة وخير وهو على العكس تعوذ بالله من الخذلان. وأقبح من ذلك الوقوف على أبوابهم وبعض من يطلب منهم يعدهم بالدعاء في الأماكن الشريفة، وبعضهم قد اتخذ ذلك دكانا يجبي منهم بداة كما تقدم وعودة بأن يهدي لهم وهو يطلب منهم بلسان الحال. وبعضهم لا قدرة له على الاجتماع بمن تقدم ذكرهم لتعذر وصوله إليهم فيتشفعوا عندهم بمن يرجو أن يسمعوا منه ويرجعوا إلى قوله وينتهي الشافع على
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست