مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٦٨
الثالث عشر: قولهم في هذه الفروع المتقدمة هذا على القول بأن الحج على الفور يريدون أو في محل يتفق عليه فيه على الفورية كما إذا خيف عليه الفوات وهو ظاهر، وقاله الشيخ زروق في هذا المحل والله أعلم. ص (لا بدين أو عطية) ش: يعني أن من لا يمكنه الوصول إلى مكة إلا بأن يستدين مالا في ذمته ولا جهة وفاء له فإن الحج لا يجب عليه لعدم استطاعته وهذا متفق عليه، وأما من له جهة وفاء فهو مستطيع إذا كان في تلك الجهة ما يمكنه به الوصول إلى مكة وقدر على بيع ذلك، أما إذا كان ماله في بلد بعيد لا يمكنه الوصول إليه فلا يلزمه أن يستدين الآن كما يفهم من كلام صاحب المدخل. وقوله أو عطية يعني به أنه إذا أعطي له مال يمكنه به الوصول إلى مكة على جهة الصدقة أو الهبة فلا يقبله ويحج به لان الحج ساقط. وظاهر كلام صاحب الطراز أنه متفق عليه أيضا لما في ذلك من تحمل المنة.
وظاهر كلام البساطي أن في ذلك خلافا ولم أقف عليه إلا في مسألة الولد كما ستقف عليه إن شاء الله.
تنبيهات: الأول: قال صاحب الطراز: إذا لم يكن له مال فبذل له ذلك ليحج لم يلزمه قبوله عند الجميع إلا أن يكون الباذل ولده لما فيه من تحمل مشقة المنة، وإن بذل له قرضا لم يلزمه أيضا لأنه يرجع عليه دينا ويملك ذمته به وإن الدين أيضا يمنع وجوب الحج انتهى. وقال القرطبي في تفسير سورة آل عمران: وأصله لابن العربي ونقله عنه الزهري في شرح القواعد الاسلامية. فلو وهب رجل لأبيه مالا فقد قال الشافعي: يلزمه القبول لأن الرجل من كسبه ولا منة عليه في ذلك. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يلزمه قبوله لأن فيه سقوط حرمة الأبوة إذ قد يقال قد جزاه وقد وفاه والله أعلم انتهى. وما قاله صاحب الطراز أظهر. وقد قال ابن رشد في أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب طلاق السنة في شرح قول مالك لا يكره السلطان المرء على أن يحج أباه ولا على إنكاحه. هذا على القول بأن الحج على التراخي ويأتي على القول بأن الحج على الفور أنه يلزمه ذلك كما يلزمه أن يشتري له ماء لغسله ووضوئه إذ لا يسعه أن يؤخر ذلك من أمر دينه انتهى. وقد علمت أن القول الراجح أن الحج واجب على الفور فيلزم حينئذ الولد أن يحج أباه ويجب على الوالد القبول، وظاهر إطلاق كلام المصنف موافق لما قاله ابن العربي والقرطبي. وقال البساطي: أما الدين فإذا لم يكن له جهة وفاء ولا يرجو ما يوفي به فلا شك، وأما غير ذلك ففيه خلاف. ولو كان الدين لغير الحج وقدر على الوفاء فقال مالك فيه: لا بأس أن يحج. وأما العطية فلان فيها تحمل منة وانظر إذا كان ممن له عادة بالاعطاء انتهى. قلت: إن أراد بقوله ممن له عادة
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»
الفهرست