مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٣٥
قلت: الظاهر أن له الرجوع كالعبد بل هو أولى لا سيما إذا كان لمصلحة.
تنبيهات: الأول: فهم من هذا أن إحرامه بغير إذن وليه منعقد وأن تحليله جائز. أما الأول فقال سند: الصبي يصح حجه فإن كان مميزا أذن له وليه فأحرم وصح إحرامه، وإن كان صغيرا أحرم عنه وليه فيصير الصبي محرما بما ينويه وليه من حج أو عمرة. فإن كان الصبي مميزا فأحرم من غير إذن وليه فهل ينعقد إحرامه؟ قال مالك في العتبية والموازية في الرجل المولى عليه يحرم بالحج: إن ذلك من السفه لا يمضي. وظاهر هذا أنه لا ينعقد. وقال أشهب في الموازية: إذا أحرم العبد فحلله سيده ثم أعتق أو حلل الصبي وليه ثم بلغ فليحرما الآن بالحج ويجزيهما عن حجة الاسلام. وهذا يقتضي انعقاد إحرامه وإنما للولي النظر في إمضائه ورده وهو الأظهر لأنه تنعقد صلاته، واختلف في هذا الفرع أصحاب الشافعي انتهى. ولم يفهم الشيوخ رواية العتبية كما فهمها القاضي سند كما سيأتي الآن. وأما الثاني وهو جواز التحليل فقال ابن عبد السلام: تأمل هل يجوز له أن يحلله وأي فائدة في تحليل الصبي إذا حصل هناك بعد أن أحرم إلا أن يخشى من تماديه على الاحرام أن يدخل على نفسه ما يوجب عليه فدية أو جزاء؟ فإن صح هذا وجب أن يلحق به السفيه البالغ انتهى. وقال ابن عرفة: للسيد تحليل ذي رق أحرم بغير إذنه. وشك ابن عبد السلام في جواز تحليل الصبي والكبير السفيه قصور لقبول.
الصقلي والشيخ قول أشهب لو عتق أو بلغ عقب تحليله سيده أو وليه فأحرم لفرضه أجزأه.
وسماع ابن القاسم إحرام المولى عليه سفه لا يمضي. وقبله الشيخ وتعليله ابن رشد بأنه قبل انتهاء الحج وميقاته بعيد انتهى والله أعلم.
الثاني: قال البساطي: والمميز هو الذي عقل الصلاة والصيام. وقال ابن جماعة الشافعي في منسكه الكبير: حقيقة المميز أنه هو الذي يفهم الخطاب ويحسن رد الجواب ومقاصد الكلام ولا ينضبط بسن مخصوص بل يختلف باختلاف الافهام انتهى. وهو كلام حسن ونحوه لابن فرحون.
الثالث: لم يبين المصنف من أين يحرم لأن الأصل في الاحرام أن يكون من الميقات وقد تقدم في كلام المدونة أنه يحرم من الميقات.
الرابع: هل ينعقد إحرام المميز بإحرام وليه عنه كما في غير المميز؟ لم أر فيه نصا وللشافعية قولان والأصح عندهم الانعقاد، والجاري على المذهب أنه لا ينعقد لأن القاعدة أن كل فعل يمكن الصبي فعله فلا يفعله الولي عنه، ولا شك أن المميز يمكنه مباشرة الاحرام فلا يصح أن يفعله الولي عنه فتأمله والله أعلم. ص: (ولا قضاء بخلاف العبد) ش: يعني أن
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»
الفهرست