مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٢٣
موانع الحج بأتم من هذا. وأخذه ابن رشد أيضا من مسألة الزوجة قال في المقدمات: روى أشهب أنه سئل عمن حلف أن لا تخرج زوجته فأرادت الحج وهي ضرورة أنه يقضي عليه بذلك. ولكن ما أدري ما تعجيل الحنث حلف أمس وتقول أخرج اليوم ولعله يؤخر ذلك سنة.
وفي كتاب ابن عبد الحكم أنه يؤخر ذلك سنة وكذلك يقضي عليه، وهذا يدل على أن الحج عنده على التراخي إذ لو كان عنده على الفور لما شك في تعجيل الحنث في أول العام بل القياس أن يحنث في أول العام وإن كان الحج على التراخي لأن لها أن تعجله وإن لم يجب تعجيله انتهى. قال في التوضيح: وأجيب بأن مالكا فهم عنها قصد الاضرار لقوله حلف أمس وتخرج اليوم وإذا تأملت ذلك وجدت دلالته على الفور أقرب انتهى. وله نحو ذلك في أواخر سماع أشهب من كتاب الايمان بالطلاق من البيان، واستدل للقول بالتراخي بأن فرض الحج نزل سنة ست وأخره النبي (ص) إلى سنة عشر. وأجيب بأن الذي نزل في سنة ست قوله تعالى * (وأتموا الحج والعمرة لله) * وهو لا يقتضي الوجوب، وإنما فرض الحج بقوله تعالى * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * وهذه نزلت سنة تسع. قال سند: وقيل سنة عشر، وعلى الأول فلعل الوقت كان لا يتسع بأن نزلت في آخر العام. انتهى بالمعنى فتأمله والله أعلم.
تنبيهات: الأول: سوى المصنف رحمه الله هنا بين القولين مع أنه قال في توضيحه:
الظاهر قول من شهر الفور. وفي كلام ابن الحاجب ميل إليه لأنه ضعف حجة التراخي ولان القول بالفور نقله العراقيون عن مالك، والقول بالتراخي إنما أخذ من مسائل وليس الآخذ منها بقوي انتهى. وقدم في مناسكه القول بالفورية وعطف عليه الثاني بقيل فقال: والحج واجب مرة على الفور وقيل على التراخي. وقال ابن عبد السلام: إذا تأملت المسائل المأخوذ منها التراخي وجدتها أقرب إلى دلالتها على الفور انتهى. وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: الذي عليه رؤساء المذاهب والمنصوص عن مالك الفور انتهى. إذا علمت ذلك فقد ظهر لك أن القول بالفور أرجح ويؤيد ذلك أن كثيرا من الفروع التي يذكرها المصنف في الاستطاعة مبنية على القول بالفور فكان ينبغي للمؤلف أن يقتصر عليه والله أعلم.
الثاني: تقدم أن الحج على الفور على من بلغ الستين. وقد نقل ابن معلى والتادلي عن الباجي وابن رشد الاجماع على أنه يتعين على الفور على من بلغها أو كاد وفي حكاية الاجماع نظر، ولم أقف عليه في كلام ابن رشد، وتقدم عن سحنون أنه إذا بلغ الستين يفسق وترد شهادته. وقول صاحب التوضيح عن صاحب التمهيد إنه قال لا أعلم أحدا قال ذلك غير سحنون.
الثالث: وعلى القول بالفور فلو أخره عن أول العام عصى ولا يكون قضاء خلافا لابن القصار. نقل ذلك المصنف وابن عرفة وغيرهما. وقال في الشامل: فلو أخره عن أول عام
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»
الفهرست