مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٢٥
الأسفراييني انتهى. وقال القرطبي في تفسيره في سورة آل عمران: الكفار عندنا مخاطبون بفروع الشريعة ولا خلاف فيه في قول مالك انتهى. والظاهر أن مراد القرطبي نفي الخلاف فيه في قول مالك نفسه لا بين أصحابه، فقد نقل جماعة فيه الخلاف منهم ابن رشد كما سيأتي.
وقيل: إن الاسلام شرط في وجوب الحج بناء على أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة. قال ابن رشد في شرح المسألة الثالثة من مسائل عبد الملك من كتاب الجامع: وهو الصحيح من الأقوال. وقال في كتاب الصلاة من المقدمات: الظاهر من مذهب مالك أنه يرى أن الكفار مخاطبون بشرائع الاسلام. وحكى في الزكاة والحج القولين من غير ترجيح وفي كلامه في الصيام ميل إلى عدم الخطاب وكأنه والله أعلم يرجح القول بعدم الخطاب من حيث الدليل، ويرجح القول بالخطاب بالنظر إلى مسائل مذهب مالك والله أعلم. وإذا قلنا إنه شرط في الوجوب فيكون شرطا في الصحة أيضا إذ لم يقل أحد إن العبادة تصح من الكفار. وعلى هذا فما ذكره الشارح في الكبير وفي الشامل وتبعه عليه غيره من حكاية ثلاثة أقوال: قول بأنه شرط في الصحة، وقول بأنه شرط في الوجوب، وقول بأنه شرط فيهما يوهم أن الثاني يقول بصحته من الكافر ولم يقل به أحد. وقد قال ابن عرفة في باب الجمعة: ما هو شرط في الوجوب فهو شرط في الأداء وإلا أجزأ الفعل قبل وجوبه عنه بعده ولا ينقض بإجزاء الزكاة قبل الحول بيسير لأنه بناء على أن ما قارب الشئ مثله وإلا أجزأت قبله مطلقا اه‍. ونص كلامه في الشامل: وهل الاسلام شرط في صحته ورجح أو في وجوبه أو فيهما؟ خلاف.
وممن تبعه الشيخ زروق في شرحه فقال: يعني أن الاسلام شرط في صحة الحج والعمرة. وقيل:
شرط في الوجوب. وقيل: شرط فيهما انتهى. وكان الحامل للشيخ بهرام على ذلك أنه وقع في عبارة أهل المذهب أنه شرط في الوجوب، وفي عبارة بعضهم أنه شرط في الصحة، وفي عبارة بعضهم أنه شرط فيهما. فحملها على ظاهرها يظهر ذلك من كلامه في الشرح الكبير ونصه:
وقد اختلف في الاسلام هل هو شرط في الوجوب وإليه ذهب ابن يونس والجزولي وغيرهما بناء على عدم الخطاب، أو من شروط الصحة وإليه ذهب ابن شاس وصاحب الذخيرة وهو ظاهر ما في التبصرة؟ وجعله عبد الوهاب في المعونة من شروط الصحة والوجوب معا وحكى الأولى في المقدمات ولم يرجح شيئا انتهى. فتأمله. وفائدة الخلاف في خطاب الكفار بفروع الشريعة إنما هي في تضعيف العذاب فقط. وذكر البساطي عن بعضهم أن لذلك فائدة أخرى وهي وجوب الاستنابة عنه من ماله إذا أسلم ومات في الحال على القول بأن الاسلام ليس شرطا في الوجوب، وعلى القول بصحة النيابة في الحج وإنما تجزئ عن الفرض، وأما على القول بأنه شرط وجوب فلا يؤخذ من ماله شئ.
قلت: وهذا لا يصح لأن الاستنابة عن الميت من ماله إذا لم يوص بذلك لا تجب عندنا ولو كان الميت مسلما مستطيعا ولا أعلم في ذلك خلافا. وقد اعترض المصنف على ابن
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست