مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ١٠١
يصير ما كان قليلا في الأول كثيرا في الثاني.
وما ذكروا من الأوزان فإنما هو الماء الخالد، وهو الذي قال فيه أغاثوذيمون (1): إن الماء الخالد إذا أصيبت حقيقة وزنه جعل خطا الذي لم يعرف وزنه صوابا.
ويسمون الثفل الذي يبقى بعد طلوع الماء الخالد بالزبل (2).
قول الحكيم: إن حجرنا مثلث الكيان، مربع الكيفية. يعني بالتثليث الماء المفرد والماء المركب والأرض، وبالتربيع البياض والخضرة والحمرة والسواد.
قول الحكيم: في أرض فارس وأرض مصر. أرض فارس هو (3) الطافي فوق لإشرافه (4) وعلوه، وأرض مصر هو الراسب لظلمته.
قول بليناس (5): تلك الحركات كانت في وسطه (6) أقوى منها في أطرافه وحدوده. يريد بذلك أن ما صعد في وسط التدبير من التركيب أكثر مما يصعد أولا وآخرا. أما أولا فلصلابة الجوهر، ولأنه معدني لم ينضج، وأما آخرا فلقلة الباقي ولكثرة ما صعد منه الماء. ولما قسموا الجوهر قسمين أعلى وأسفل سموا الأعلى والأسفل سوادا، الأعلى إن تم بياضا وسوادا كما سموهما سماء وأرضا، وروحا وجسدا، وماء ودهنا.
قول بليناس: فلما جاءت الحركات واختلفت الطبائع دخل بعضها في بعض، وقبل بعضها بعضا في بعض على قدر قوتها وانحلال بعضها في بعض، وازدواج بعضها لبعض، ولذلك أسرع بعضها في ولادته وأبطأ بعضها. أراد بذلك انحلال النفس من الجسد، وسمى المنحل طبائع، لأنها تنحل شيئا فشيئا، ثم ذكر في هذا الفصل ازدواج هذه الطبائع المنحلة وعلة سرعة بعضها وإبطاء بعضها، وذكر المواليد المولدة منها أولا فأولا، فيقال أخيرا لاجتماع الطبائع الثلاث عليه في تحليله وتعفينه أسرعت هذه الثلاث في الحركة للطافتها وتمت ولادتها قبل ولادة الأرض، فلما تم ما تولد من الماء والهواء وطلع (7) على وجه الأرض طلع على أثره ما تولد من الأرض بمعونة هذه الثلاث لها، وكان الشجر الذي لا ثمر له لشدة يبسه، فدل بهذا القول لكره (8) على كيفية انحلال الطبائع من الجواهر الأول، وتدرجها حالا فحالا، وشبهها في كل درجة بعنصر من العناصر البسيطة، أو نوع من الأنواع المركبة عنها، وابتدأ بالشجر الذي لا ثمر له، حتى صار إلى الإنسان الذي هو أشرف المركبات (9)، وذلك قوله وإنما طلع في آخره ما طلع من النبات، لأن القوى الأربع اجتمعت عليه ودفع كل واحد ضد منها ضده عن نفسه إلى أن أسلفوا ولد، والآن (10) هذه الطبائع الأربع أضداد، فلما اجتمعت (11) دفع كل ضد ضده فأبطأت في اجتماعها لدفع بعضها بعضا، فلما تمت وطلعت طلع بإزائها من الحيوان والإنسان وكل دابة تامة القوة طويلة الولادة مثل الفرس والبقر والأسد وغير ذلك، وصار الإنسان قائما في الهواء لاعتدال الطبائع الأربع فيه لأنه أتم المواليد كلها. هكذا تمت المواليد من الحيوان والنبات من الطبائع في ابتداء الخلقة من جميع الخليقة، فقد دل بهذا القول على كيفية الانحلال أولا، والامتزاج ثانيا، وطول المدة في تمام ذلك، وعسر الاجتماع والاتحاد في بدء الأمر.
قول القائل: الرطوبة مثلها، وبها تصبغ الأجساد. ليس يعني بها الرطوبة المائية، وإنما يعني بها الرطوبة المستخرجة من الأجساد التي هي أرواحها.
قول بليناس (12): المكان الذي كانت فيه الحركة معتدلة والسكون معتدلا أيضا مثل الحركة جزئين مستويين كان هناك خلق الإنسان، الذي هو أوسط الخلائق. يدل على أن المركب إذا صار روحه وجسده سواء فقد صار كثيرا. وهو الحملان الذي ذكره خال بن يزيد بن معاوية في شعره (13).
وكلما زاد الروح ازداد لطافة إلى أن يصير تسعة على واحد، وهي التسعة الأحرف التي ذكرها زوسيموس (14) في عدة مواضيع، وذكر أن أربعة منها لا صوت لها، وخمسة لها صوت. وإنما أراد بالصوت الصبخ، ولذلك قال آرس: كان الأمد في أول الأمر السواء بالسواء وهو قولهم آبار (15) نحاس اجعلها بالسواء. والآبار نحاس هو الخلط كله، وهو الذي قال فيه الحكيم: إنا لم نلق شدة في العمل أشد من المزاج حتى تزاوجت الطبائع واختلطت وصارت شيئا واحدا، فهو كلما دبر انقلب من لون إلى لون، ولكل لون طبيعة وقوة ولطف، وقد أفادته النار لأن يكون أولا دودة ثم حية تنينا، وكلما طبع بالرطوبة ازدادت ألوانه ازدهارا.
واعلم أن كل ما ذكروه من الأوزان فإنما هو المقايسة بين أرواح الأجساد وأثقالها، وهذه الأوزان إن تميزت في العمل فلا حاجة إلى وزنها، وإنما قالوا ذلك تضليلا وتحييرا للجهال كما قال جاماسب الحكيم في رسالته إلى بهمن بن أردشير: واعلم أن المركب لا يحمر حتى ينشف ماؤه ويجف. ويدل على

(١) م: اغاذيمون.
(٢) م: بارزيل.
(٣) م: وهو.
(٤) م: لإشراقه.
(٥) م: ليناس.
(٦) م: وسطها.
(٧) م: وطلوع.
(٨) م: كذا في الأصل.
(٩) هنا ينتهي ما ورد من هذه الرسالة في دراسات في مؤلفات الطغرائي ص 288 - 290.
(10) م: كذا في الأصل.
(11) م: اجتمع.
(12) م: قوبليناس.
(13) الحملان: الخميرة. جاء في كتاب تراكيب الأنوار للطغرائي (لندن ق 181 أ): قال خالد بن يزيد في أبيات كثيرة يذكر فيها العمل والأجساد الأربعة ثم ذكر الحملان وهو الخميرة، فقال:.
وعلمني حملان شئ معجل * جزاه إلهي خير ما كان جازيا.
انظر أيضا ديوان خالد بن يزيد بن معاوية (مخطوطة مكتبة المتحف العراقي ببغداد 2123) ص 223.
(14) م: ريسموس.
(15) قال د. كامل مراد: أخذ العرب معلوماتهم في الكيمياء على الأكثر من البلاد التي دخلوها، وكان المؤلفون أو النقلة على الأغلب من أصل فارسي أو سرياني، ولهذا لا غرابة في أن نراهم يستخدمون بعض الألفاظ الفارسية أو السريانية للدلالة على عنصر من العناصر. وقد وردت في كتبهم اللفظة الأكدية (آنك) للرصاص أو القصدير عوضا عن قلعي أو قصدير أو رصاصي. كما نجد استعمال الكلمة الأرامية (أبار) للرصاص...
أنظر الرمز في الكيمياء عند العرب ص 48.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370