مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٣٥٩
الأمر كله بسطر واحد يقول فيه: أن ما تدعيه غير صحيح وأن صلاح الدين لم يسلم حيفا ويافا وقيسارية بل فلسطين كلها ما عدا القدس للصليبيين بعد أن استردها منهم.
ولكنه لم يستطع أن ينكر ذلك وراح يهوش ويشتم ويحرض ويثير الضغائن ويملأ أعمدة الجريدة بكلام فارع.
لم يكتب السطر الذي ينهي الأمر كما قلنا وأنى له أن يكتب هذا السطر وصحف التاريخ أمامه تصفعه وتصفع أمثاله.
ثم عدنا نقول له كلاما نقلناه بنصه من كتاب الكامل لابن الأثير وفيه يقول حرفيا بان صلاح الدين كان يحتمي من نور الدين بالصليبيين.
وكان يكفيه هنا أيضا أن يكتب سطرا واحدا، ولكن كيف يستطيع كتابة هذا السطر وصفعات التاريخ تنهال عليه صفعة وراء صفعة.
لقد فر من كتابة هذا السطر ولجأ إلى عشرات السطور يتخبط بها ما شاء له التخبط ويحاول الوصول ولو إلى قشة يتمسك بها وهو يرى نفسه غريقا في بحر الضلال فلم يستطع أن يصل حتى إلى هذه القشة.
لقد استرسل في هذيان لا يعنينا أن نلتفت إليه، ولكننا نريد أن ندل القارئ على ثلاثة أشياء نفرزها من ذلك الهذيان:
1 لقد عدد هذا الرجل المدن والقرى التي دخلتها القوى الاسلامية بقيادة صلاح الدين.
لقد عددها كأننا ننكر ذلك، مع أننا قلناه ونقوله ونكرر الآن قوله.
ولكن هل كان هذا موضوع كلامنا، أن ما جرى من دخول تلك المدن هو نتيجة حتمية للنصر في معركة حطين وهو جزء من تلك المعركة. نحن لم نعرض له بشئ. ولكننا عرضنا لما جرى بعده وقلنا بملء الفم قولا واضحا صريحا. أن أعمال صلاح الدين بعد هذا الذي جرى قد أبطلت نتائج كل ما جرى.
لم يخجل من أن يذكر فيما عدده من المدن والقرى أسماء حيفا وقيسارية والرملة، وهي من البلدان التي ذكرنا أن صلاح الدين أعادها للصليبيين.
2 يقول هذا الرجل ما نصه بالحرف: كما يبدو وفاء صلاح الدين لنور الدين عميقا بعد وفاة نور الدين.
ونقول له: أن هذا الوفاء تجلى كل التجلي في المعاملة التي عامل بها صلاح الدين ابن ولي نعمته نور الدين.
لقد كان هذا مقيما في حلب وكان على صغر سنه محاطا برعاية الحلبيين لاعتباره ملكهم المقبل وفاء لنور الدين فكان أول ما فعله صلاح الدين أن قصد إلى حلب ليقضي عليه. ونترك الكلام هنا لابن الأثير: لما ملك صلاح الدين حماه سار إلى حلب فحصرها ثالث جمادى الآخرة فقاتله أهلها وركب الملك الصالح ابن نور الدين وهو صبي وعمره اثنتا عشرة سنة وجمع أهل الحلب وقال لهم: قد عرفتم إحسان أبي إليكم ومحبته لكم وسيرته فيكم وأنا يتيمكم وقد جاء هذا الظالم الجاحد إحسان والدي إليه يأخذ بلدي ولا يراقب الله تعالى ولا الخلق، وقال من هذا كثيرا وبكى وأبكى الناس فبذلوا له الأموال والأنفس واتفقوا على القتال دونه والمنع عن بلده إلى آخر ما قال ابن الأثير.
هذا هو وفاء صلاح الدين لنور الدين: في حياته، يحتمي منه بالصليبيين و بعد موته يحاول القضاء على ولده ذي الاثنتي عشرة سنة.
ليس ما يحركنا إلى كتابة ما نكتب هو ما يريد أن يوهم القراء به استدرارا لعطفهم واستثارة للشرور. بل أن الذي يحركنا هو الحقيقة وحدها.
تدخل شخص آخر وتدخل شخص آخر فرد على ردي، فرددت عليه بما يلي:
: الصديق المتواري وراء طلال المنجد نبعث له قبل البدء بمناقشة أقواله بتحية صداقة عاطرة، ونقول له: أن تسمية رأي تاريخي برجل تاريخي تحاملا هو التحامل الذي ما بعده تحامل.
إننا نطرح قضية تاريخية محضة وعلى من لا يرى رأينا أن يدحض هذا الرأي بالحجة لا بترديد ألفاظ التحامل وأمثال التحامل، مما هو سلاح العاجزين.
ولماذا يعتبر نقد صلاح الدين من الأمور المألوفة في بعض الكتابات انطلاقا من دوافع وخلفيات وغايات ولا يكون التحمس لطمس الحقائق التاريخية الواضحة التي تلتصق بشخص صلاح الدين من الأمور المألوفة في كل الكتابات لا في بعضها انطلاقا من دوافع وخلفيات وغايات. وإذا كان الصديق المتواري يدعو إلى الدقة والرصانة والعلمية والموضوعية في الأبحاث التاريخية، فإننا نقول له: لقد كنا فيما كتبناه في أعلى درجات الدقة والرصانة والعلمية والموضوعية لأننا لم نختلق شيئا ولأننا اعتمدنا على مؤرخين هم وحدهم المصدر الأساس لكل من يكتب في التاريخ وفيهم من هو ألصق الناس بصلاح الدين ومن عاشوا في نعمه وكانوا من موظفيه المنافحين عنه.
ويروع الكاتب المتواري عن هذه الحقيقة ويدور ويلف ثم لا يستطيع إلا أن يعترف بها، ولكنه يحاول تغليف اعترافه بقوله عن بهاء الدين ابن شداد:
سيرة صلاح الدين التي وضعها ابن شداد ابتداء من 1188 عام التحق ابن شداد بصلاح الدين كقاض للجيش الأيوبي. وقبل ذلك العام كان بهاء الدين ملازما الموصل ولم يكن يستطيع الرواية إلا بطريقة غير مباشرة وغالبا ما أثبتت الدراسات المقارنة وقوعه في أخطاء التفصيلات الوثائقية والتسلسل الزمني، إلى آخر ما قال من مثل هذا اللف والدوران. ونقول له:
أن الوقائع التي لم يستطع ابن شداد إلا أن يذكرها كانت وهو صفي لصلاح الدين، وكذلك لا ينطبق عليها قولك: وغالبا ما أثبتت الدراسات المقارنة وقوعه في أخطاء التفصيلات الوثائقية والتسلسل الزمني.
فهو عند ما يقول مثلا عن تسليم صلاح الدين مدينة حيفا للصليبيين:
لم تزل في أيدي الفرنج إلى أن فتحها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة ثلاث وثمانين فلم تزل في يده إلى أن نزل عنها للفرنج فيما نزل عنه لهم في المهادنة التي وقعت بينه وبينهم وذلك سنة ثمان وثمانين وخمس مائة، ولم تزل بعد في أيديهم.
وعند ما يقول عن تسليمه مدينة يافا: وشرطوا الصليبيون عليه ابقاءها في أيديهم. عند ما يقول ابن شداد هذه الأقوال الواضحة الصريحة الدالة على أن الموقف كان هوانا في هوان واستسلاما في استسلام، وأن الصليبيين كانوا يشترطون وصلاح الدين يخضع لشروطهم. عند ما يقول ذلك لم يقله وهو في الموصل، لم يقله وهو بعيد عن الأحداث، بل كان في صميمها، ولم يروه بطريقة غير مباشرة، بل بطريقة مباشرة، طريقة شاهد العيان. وليس في هذا القول وقوع في أخطاء التفصيلات الوثائقية والتسلسل الزمني.
وما شان التفصيلات الوثائقية والتسلسل الزمني في تسليم حيفا ويافا للصليبيين والنزول على شروطهم؟ وأي تفصيلات وأي وثائق وأي تسلسل زمني في أمرتم في غاية البساطة والسهولة؟ وهو أمر باد ظاهر يراه كل الناس، ولا يستطيع ابن شداد تجاهله وتاليا لا تستطيع أنت إنكاره، ولكن يصعب عليك الاعتراف به فرحت تدور وتلف، ثم تدور وتلف ولكن بلا جدوى.
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370