مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٣١٥
ولدا كشاجم أبو الفرج وأبو نصر لم يذكر كشاجم في شعره من أولاده مباشرة سوى ولد واحد دون أن يسميه، لعله أبو الفرج، ولعله كان بكره. ومن المفيد أن نذكر أن كشاجم أشار إلى أصيبية كزغب الأفراخ كانوا سببا عائقا في طلابه المجد والرتب، والارتحال في سبيلها. وقد تبين لنا أنه لم يبق منهم سوى اثنين، وقد شكا الزمان، وندب حظه، وعدم وصوله إلى الرتب العالية التي يستحقها، إذ فضل أن يبقى مع صغاره مشفقا عليهم، حدبا بهم:
وعاقني عن طلابها أصيبية * يأبى فراقهم الاشفاق والحدب ولي قوادم لو أني خدمت بها * لأنهضتني ولكن أفرخي زغب!
على أن كشاجم مدرك أنه استعجل الأولاد قبل المال، وكان عليه أن يوفر لهم المال والجاه قبل أن يروا النور، ويرى في ذلك خروجا ومخالفة لما جاء نصه في القرآن الكريم، وقد بدئ بالمال قبل البنين: وإنما المال والبنون زينة الحياة الدنيا.
ونرجح أن كشاجم رزق بأبي الفرج أولا، وقد تبين لنا أن المقطوعة التي شاء النساخ أن يسموها في مدح بعض أصدقائه، هي في الحقيقة في ولده أبي الفرج، من هذه المقطوعة اتضح لنا أيضا أنه أول ولد، إذ فرج كربه، وجعله يستقر مدة من الزمن، لولاه لظل كشاجم يرتحل من مكان إلى آخر، لكنه اختار أن ينعم بمجيء الولد الجديد، وكان بوده لو يجول الآفاق، ويجمع الأموال قبل مجيء الولد، لكنه تعجله، فخالف بذلك نص الكتاب كما مر بنا:
لولا أبو الفرج الذي فرجت به * كربي لما جفت لبود جيادي ولجلت آفاق البلاد وجبتها * حتى أكثر بالغنى حسادي لكن سبقت به الثراء ففاتني * وعجلت قبل المال بالأولاد!
خالفت ما جاء الكتاب بنصه * فلذاك قد ملك الزمان قيادي!
ولعل ما في البيت الثالث لدليل قاطع على أن أبا الفرج هذا هو ابنه المولود، وليس صديقا كما ادعى النساخ! ثم يكبر أبو الفرج، ويرعاه أبوه، كما يرعى الأب الحنون الصالح ولده، ويربيه أحسن تربية، متوسما فيه ما كان أبوه من قبل قد توسم فيه. وقد اختار لابنه أما حرة، فاضلة، كريمة الحسب، ابنة النجباء، فتقبله قبولا حسنا، وشكر الله على عطيته الكبيرة، ورزقه العظيم، ونعمه الكثيرة:
ربيته متوسما في وجهه * ما قبل، في توسمت آبائي ورزقته حسن القبول مهنيا * فيه عطاء الله ذي الآلاء وغدوت مقتنيا له من أمه * وهي النجيبة وابنة النجباء وقد وضع كشاجم لابنه منهجا يسير عليه، فكان له المربي، والمرشد، والمعلم، وقد عمرت مجالسه به، فكان يبهج به نهارا، ويريه أسباب العلياء، وكيف يصلها المرء، ويحدثه، ثم يزيره العلماء ليأخذ عنهم، فيتفوق على جميع طلاب العلم، حتى إذا أجن الليل، راح يسامره، ويحاوره، وحين ينتهيان من برنامجهما اليومي يعودان إلى البيت، فيدنيه إليه ويضمه، فكأنه يدني مهجته إلى مهجته، وأحشاءه إلى أحشائه، فيصبح كلاهما واحدا:
وعمرت منه مجالسي ومسالكي * وجمعت فيه مآربي وهوائي فأظل أبهج في النهار بقربه * وأريه كيف تناقل العلياء وأزيره العلماء يأخذ عنهم * فيبد من يغدو إلى العلماء وإذا أجن الليل بات مسامري * ومحاوري وممثلا بإزائي فأبيت أدني مهجتي من مهجتي * وأضم أحشائي إلى أحشائي وخوفا من أن يؤخذ عليه إعجابه بولده، وافتتانه به، أسرع ليقول أن إعجابه به مثل إعجابه بشعره، إذ كلاهما بعض منه. وما الاعجاب هذا إلا صادر عن تعقل، ورزانة، لا عن خفة أو تهور:
والمرء يفتن بابنه وبشعره * لكن هذا فتنة العقلاء!
والوالد كشاجم يعتبر وجود ولده شفاء لما يصيبه من الجروح والأسى، آملا أن يكون قربه في شدته وفي رخائه:
روحي الفداء لمن إذا جرح الأسى * قلبي أسوت به جروح أسائي كبدي وتاموري (1) وحبة ناظري * ومؤملي في شدتي ورخائي على أن كشاجم، كما أشرنا إليه سابقا، لم يذكر في شعره سوى ولد واحد، إنما ذكر له الثعالبي في يتيمته، وهي أقدم نص، ابنين، هما أبو نصر وأبو الفرج، وكان الثعالبي يروي شعرا لمحمد بن هارون بن الأكتمي المصري فقال: وله يهجو ابني كشاجم أبا النصر، وأبا الفرج، ونرجح أنهما كانا بمصر بعد موت أبيهما، ولم ترقهما الأحوال، فرحل أبو الفرج إلى الري (2) حيث التقى أبا بكر الحمدوني جامع ديوان والده، فأنشده لأبيه 99 بيتا، ألحقها الجامع فيما بعد بالديوان، أما أبو نصر فرحل إلى الشام، وأصبح كاتب الأعصم أبي علي القرمطي بالرملة.
أما المقريزي في مخطوطه المقفى فقد عرفنا بأبي الفرج الذي تحدث عنه كشاجم في شعره، كما ذكرنا سابقا، وقال أنه أحمد بن محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك بن زادان بن شهريار أبو الفرج بن أبي الفتح كشاجم. وليس هناك ما يدعو إلى الشك في أن أبا الفرج هو أحمد بن أبي الفتح كشاجم. وكان أبو الفرج هذا بمصر أيام كافور، وأيام القاضي محمد بن عبد الله بن الخصيب ووالده، وحين عرف أبو الفرج ما يتمتع به القاضي محمد من قوة الاحساس باللمس، وكان إذا صفع عرف من يصفعه بوقع يده على رقبته، من غير أن يبصره، عمل فيه شعرا ليقول له أنه أيضا يقرأ نقش فص الخاتم باللمس خاصة دون الرؤية، فاتفق الاثنان في قضية بهرت عقول العالم وقام بينهما نسب في تلك القضية، فقال:
إني إلى القاضي أمت بحرمة * هي بيننا نسب كفرض لازم حس لطيف في قفاه وفي يدي * هو آية بهرت عقول العالم!
فقفاه يفتقد الأكف بحسه * ويداي تقرأ نقش فص الخاتم!
فإذا أخذنا بتلك الرواية، أخرجنا المقطوعتين اللتين نسبتا إلى كشاجم خطا وسهوا، إذ إنهما لأحد ابنيه، لعله أبو نصر، ونرجح أن أبا الفرج الذي

(1) تامور لفظة فارسية معربة معناها: روح، أو نفس، أو دم (ستانغس، فرهنك جامع، 277 أ).
وفي الكنز المدفون، قال السيوطي: " يقال حرف في تامورك خير من عشرة في وعاتك ". التامور القلب " (ص 360). أما الخفاجي فقال أن لفظة تامور معناها " صبغ أحمر، ودم القلب، وأصل معناه موضع السر "، وهي لفظة غير عربية.. (ص 51).
(2) هي في موقع طهران الآن.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370