تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٨٨
قال * ع *: فهي في معنى قوله: (ودوا لو تدهن فيدهنون) [القلم: 9]، وأما لثقيف، فقال ابن عباس وغيره: لأنهم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخرهم بعد إسلامهم سنة يعبدون فيها اللات، وقالوا: إنما نريد أن نأخذ ما يهدى لها ولكن إن خفت أن تنكر / ذلك عليك العرب، فقل: أوحى الله ذلك إلي، فنزلت الآية في ذلك. * ت *: والله أعلم بصحة هذه التأويلات، وقد تقدم ما يجب اعتقاده في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فالتزمه تفلح.
وقوله (وإذا لاتخذوك خليلا): توقيف على ما نجاه الله منه من مخالة الكفار، والولاية لهم.
وقوله سبحانه: (ولولا أن ثبتناك...) الآية تعديد نعمه على النبي صلى الله عليه وسلم، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية، قال: " اللهم، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين " وقرأ الجمهور (تركن) بفتح الكاف، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يركن، لكنه كاد بحسب همه بموافقتهم، طمعا منه في استئلافهم، وذهب ابن الأنباري إلى أن معنى الآية: لقد كادوا أن يخبروا عنك أنك ركنت ونحو هذا، ذهب في ذلك إلى نفي الهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحمل اللفظ ما لا يحتمل، وقوله: (شيئا قليلا) يبطل ذلك.
* ت *: وجزى الله ابن الأنباري خيرا، وإن تنزيه سائر الأنبياء لواجب، فكيف بسيد ولد آدم صلى الله عليه وعليهم أجمعين.
قال أبو الفضل عياض في " الشفا ": قوله تعالى: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا): قال بعض المتكلمين: عاتب الله تعالى نبينا عليه السلام قبل وقوع ما يوجب العتاب، ليكون بذلك أشد انتهاء ومحافظة لشرائط المحبة، وهذه غاية العناية، ثم انظر كيف بدأ بثباته وسلامته قبل ذكر ما عاتبه عليه، وخيف أن يركن إليه، وفي أثناء عتبه
(٤٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة