تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٩٣
بوجه الحكمة.
الثاني: أن قيام الليل فيه الخلوة بالباري تعالى، والمناجاة معه دون الناس، فيعطى الخلوة به ومناجاته في القيامة، فيكون مقاما محمودا، ويتفاضل فيه الخلق، بحسب درجاتهم، وأجلهم فيه درجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيعطى من المحامد ما لم يعط أحد، ويشفع فيشفع. انتهى.
وقوله سبحانه: (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق...) الآية: ظاهر الآية: والأحسن أن يكون دعا عليه السلام في أن يحسن الله حالته في كل ما يتناول من الأمور ويحاول من الأسفار والأعمال، وينتظر من تصرف المقادير في الموت والحياة، فهي على أتم عموم، معناه: رب، أصلح لي وردي في كل الأمور، وصدري.
وذهب المفسرون إلى تخصيص اللفظ، فقال ابن عباس وغيره: أدخلني المدينة، وأخرجني من مكة، وقال ابن عباس أيضا: الإدخال بالموت في القبر، والإخراج:
البعث، وقيل غير هذا وما قدمت من العموم التام الذي يتناول هذا كله أصوب، " والصدق "، هنا صفة تقتضي رفع المذام واستيعاب المدح، (واجعل لي من لدنك سلطانا / نصيرا) قال مجاهد: يعني حجة تنصرني بها على الكفار.
وقوله سبحانه: (وقل جاء الحق...) الآية: قال قتادة: (الحق) القرآن، و (الباطل) الشيطان.
وقالت فرقة: (الحق) الإيمان، و (الباطل): الكفران، وقيل غير هذا، والصواب تعميم اللفظ بالغاية الممكنة، فيكون التفسير: جاء الشرع بجميع من انطوى فيه، وزهق الكفر بجميع ما انطوى فيه، وهذه الآية: نزلت بمكة، وكان يستشهد بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقت طعنه الأصنام وسقوطها لطعنه إياها بالمخصرة.
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة