تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٤
الله الذين إذا رؤوا، ذكر الله، وشر عباد الله المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء العيب ". انتهى من " الكوكب الدري ".
وقوله: (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) يعني: في الآخرة، ويحتمل في الدنيا لا يخافون أحدا من أهل الدنيا، ولا من أعراضها، ولا يحزنون على ما فاتهم منها، والأول أظهر، والعموم في ذلك صحيح: لا يخافون في الآخرة جملة، ولا في الدنيا الخوف الدنيوي.
وذكر الطبري عن جماعة / من العلماء مثل ما في الحديث في الأولياء، أنهم هم الذين إذا رآهم أحد، ذكر الله، وروي فيهم حديث، " أن أولياء الله هم قوم يتحابون في الله ويجعل لهم يوم القيامة منابر من نور، وتنير وجوههم، فهم في عرصات القيامة لا يخافون ولا يحزنون " وروى عمر بن الخطاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن من عباد الله عبادا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء، لمكانتهم من الله، قالوا: ومن هم، يا رسول الله؟ قال: قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام، ولا أموال... " الحديث، ثم قرأ: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
* ت *: وقد خرج هذا الحديث أبو داود والنسائي، قال أبو داود في هذا الحديث:
فوالله، إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، ذكره بإسناد آخر. انتهى.
ورواه أيضا ابن المبارك في " رقائقه " بسنده، عن أبي مالك الأشعري، أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس، فقال: " يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله عز وجل "، فقال أعرابي: انعتهم لنا، يا نبي الله، فقال: هم ناس من أبناء الناس، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله، وتصافوا فيه، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها فيجعل وجوههم نورا وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة، وهم لا يفزعون، وهم
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة