تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٤٣
هو المعصية حينا بعد حين من غير عادة أي المعصية على سبيل الاتفاق فيكون أعم من الصغيرة والكبيرة وينطبق مضمون الآية على معنى قوله تعالى في وصف المتقين المحسنين:
" والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون " آل عمران: 135.
وقد فسر في روايات أئمة أهل البيت عليهم السلام بثالث المعاني (1).
والآية تفسر ما في الآية السابقة من قوله: " الذين أحسنوا " فهم الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش ومن الجائز أن يقع منهم لمم.
وفي قوله: " إن ربك واسع المغفرة " تطميعهم في التوبة رجاء المغفرة.
وقوله: " هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض " قال الراغب: النش ء والنشأة إحداث الشئ وتربيته. انتهى. فإنشاؤهم من الأرض ما جرى عليهم في بدء خلقهم طورا بعد طور من أخذهم من المواد العنصرية إلى أن يتكونوا في صورة المني ويردوا الأرحام.
وقوله: " وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم " الأجنة جمع جنين، والكلام معطوف على " إذ " السابق أي وهو أعلم بكم إذ كنتم أجنة في أرحام أمهاتكم يعلم ما حقيقتكم وما أنتم عليه من الحال وما في سركم وإلى ما يؤل أمركم.
وقوله: فلا تزكوا أنفسكم " تفريع على العلم أي إذا كان الله أعلم من أول أمر فلا تزكوا أنفسكم بنسبتها إلى الطهارة هو أعلم بمن اتقى.
أفرأيت الذي تولى _ 33. وأعطى قليلا وأكدى _ 34.
أعنده علم الغيب فهو يرى _ 35. أم لم ينبأ بما في صحف موسى _ 36. وإبراهيم الذي وفى _ 37. ألا تزر وازرة وزر

(1) ففي أصول الكافي عن ابن عمار عن الصادق عليه السلام: اللمم الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه، وفيه بإسناده عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال: هو الذنب يلم به الرجل فيمكث ما شاء الله ثم يلم به بعد، وفيه بإسناده عن ابن عمار عن الصادق عليه السلام قال: اللمام العبد الذي يلم بالذنب بعد الذنب ليس من سليقته أي من طبعه.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست