تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٦٨
بالظالمين " البقرة: 95.
قوله تعالى: " قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " الفاء في قوله: " فإنه ملاقيكم " في معنى جواب الشرط، وفيه وعيد لهم بأن الموت الذي يكرهونه كراهة أن يؤاخذوا بوبال أعمالهم فإنه سيلاقيهم لا محالة ثم يردون إلى ربهم الذي خرجوا من زي عبوديته بمظالمهم وعادوه بأعمالهم وهو عالم بحقيقة أعمالهم ظاهرها وباطنها فإنه عالم الغيب والشهادة فينبئهم بحقيقة أعمالهم وتبعاتها السيئة وهي أنواع العذاب.
ففي الآية إيذانهم أولا: أن فرارهم من الموت خطأ منهم فإنه سيدركهم ويلاقيهم، وثانيا: أن كراهتهم لقاء الله خطأ آخر فإنهم مردودون إليه محاسبون على أعمالهم السيئة، وثالثا: أنه تعالى لا يخفى عليه شئ من أعمالهم ظاهرها وباطنها ولا يحيق به مكرهم فإنه عالم الغيب والشهادة.
ففي الآية إشارة أولا: إلى أن الموت حق مقضي كما قال: " كل نفس ذائقة الموت " الأنبياء: 35، وقال: " نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين " الواقعة: 60.
وثانيا: أن الرجوع إلى الله لحساب الأعمال حق لا ريب فيه.
وثالثا: أنهم سيوقفون على حقيقة أعمالهم فيوفونها.
ورابعا: أنه تعالى لا يخفى عليه شئ من أعمالهم وللإشارة إلى ذلك بدل اسم الجلالة من قوله: " عالم الغيب والشهادة ".
(بحث روائي) في تفسير القمي في قوله تعالى: " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الآية قال: كانوا يكتبون ولكن لم يكن معهم كتاب من عند الله ولا بعث إليهم رسول فنسبهم الله إلى الأميين.
وفيه في قوله تعالى: " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم " قال: دخلوا الاسلام بعدهم.
وفي المجمع وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ هذه الآية فقيل له: من هؤلاء؟ فوضع يده على كتف سلمان وقال: لو كان الايمان بالثريا لنالته رجال من هؤلاء.
أقول: ورواه في الدر المنثور عن عدة من جوامع الحديث منها صحيح البخاري
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست