تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٦٧
بما جاء به، وليحذروا أن يحل بهم من سخطه تعالى ما حل باليهود حيث لم يعملوا بما علموا فعدهم الله جهلة ظالمين وشبههم بالحمار يحمل أسفارا.
وفي روح المعاني: وجه ارتباط الآية بما قبلها تضمنها الإشارة إلى أن ذلك الرسول المبعوث قد بعثه الله تعالى بما نعته به في التوراة وعلى السنة أنبياء بني إسرائيل كأنه قيل:
هو الذي بعث المبشر به في التوراة المنعوت فيها بالنبي الأمي المبعوث إلى أمة أميين، مثل من جاءه نعته فيها وعلمه ثم لم يؤمن به مثل الحمار. انتهى.
وأنت خبير بأنه تحكم لا دليل عليه من جهة السياق.
قوله تعالى: " قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين " احتجاج على اليهود يظهر به كذبهم في دعواهم أنهم أولياء الله وأحباؤه، وقد حكى الله تعالى ما يدل على ذلك عنهم بقوله: " وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه " المائدة: 18، وقوله: " قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس " البقرة: 94، وقوله: " وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا " البقرة: 111.
ومحصل المعنى: قل لليهود مخاطبا لهم يا أيها الذين تهودوا إن كنتم اعتقدتم أنكم أولياء لله من دون الناس إن كنتم صادقين في دعواكم فتمنوا الموت لان الولي يحب لقاء وليه ومن أيقن أنه ولي لله وجبت له الجنة ولا حاجب بينه وبينها إلا الموت أحب الموت وتمنى أن يحل به فيدخل دار الكرامة ويتخلص من هذه الحياة الدنية التي ما فيها إلا الهم والغم والمحنة والمصيبة.
قيل: وفي قوله: " أولياء لله " من غير إضافة إشارة إلى أنه دعوى منهم من غير حقيقة.
قوله تعالى: " ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين " أخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أنهم لا يتمنونه أبدا بعد ما أمره أن يعرض عليهم تمني الموت.
وقد علل عدم تمنيهم الموت بما قدمت أيديهم وهو كناية عن الظلم والفسوق، فمعنى الآية: ولا يتمنون الموت أبدا بسبب ما قدمته أيديهم من الظلم فكانوا ظالمين والله عليم بالظالمين يعلم أنهم لا يحبون لقاءه لأنهم أعداؤه لا ولاية بينه وبينهم ولا محبة.
والآيتان في معنى قوله تعالى: " قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت أن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست