تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٣٠
كفر أرحامهم وأولادهم.
وقيل: المراد بالفصل فصل القضاء والمعنى: أن الله يقضي بينكم يوم القيامة.
وفيه ما في سابقه من عدم المناسبة للمورد فإن فصل القضاء إنما يناسب الاختلاف كما في قوله تعالى: " إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون " السجدة:
20، ولا ارتباط في الآية بذلك.
وقوله: " والله بما تعملون بصير " متمم لقوله: " لن تنفعكم " كالمؤكد له والمعنى:
لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة في رفع تبعة هذه الخيانة وأمثالها والله بما تعملون بصير لا يخفى عليه ما هي هذه الخيانة فيؤاخذكم عليها لا محالة.
قوله تعالى: " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه " إلى آخر الآيتين، والخطاب للمؤمنين، والأسوة الاتباع والاقتداء، وفي قوله: " والذين معه بظاهره دلالة على أنه كان معه من آمن به غير زوجته ولوط.
وقوله: " إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله " أي إنا بريئون منكم ومن أصنامكم بيان لما فيه الأسطورة والاقتداء.
وقوله: " كفرنا بكم وبدأ بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده " بيان لمعنى البراءة بأثرها وهو الكفر بهم وعداوتهم ما داموا مشركين حتى يوحدوا الله سبحانه.
والمراد بالكفر بهم الكفر بشركهم بدليل قوله: " حتى تؤمنوا بالله وحده "، والكفر بشركهم مخالفتهم فيه عملا كما أن العداوة بينونة ومخالفة قلبا.
فقد فسروا برأتهم منهم بأمور ثلاثة: مخالفتهم لشركهم عملا، والعداوة والبغضاء بينهم قلبا، واستمرار ذلك ما داموا على شركهم إلا أن يؤمنوا بالله وحده.
وقوله: " إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ "، استثناء مما تدل عليه الجمل المتقدمة أن إبراهيم والذين معه تبرؤوا من قومهم المشركين قولا مطلقا.
وقطعوا أي رابطة تربطهم بالقوم وتصل بينهم إلا ما قال إبراهيم لأبيه:
لأستغفرن لك " الخ.
ولم يكن قوله: " لأستغفرن لك " توليا منه بل وعدا وعده إياه رجاء أن يتوب عن الشرك ويؤمن بالله وحده كما يدل عليه قوله تعالى: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست