تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٣٧
فقوله: " إنه لقرآن كريم " جواب للقسم السابق، الضمير للقرآن المعلوم من السياق السابق ويستفاد من توصيفه بالكريم من غير تقييد في مقام المدح أنه كريم على الله عزيز عنده وكريم محمود الصفات وكريم بذال نفاع للناس لما فيه من أصول. المعارف التي فيها سعادة الدنيا والآخرة.
وقوله: " في كتاب مكنون " وصف ثان للقرآن أي محفوظ مصون عن التغيير والتبديل، وهو اللوح المحفوظ كما قال تعالى: " بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ " البروج: 22.
وقوله: " لا يمسه إلا المطهرون " صفة الكتاب المكنون ويمكن أن يكون وصفا ثالثا للقرآن ومآل الوجهين. على تقدير كون لا نافية واحد.
والمعنى: لا يمس الكتاب المكنون الذي فيه القرآن إلا المطهرون أو لا يمس القرآن الذي في الكتاب إلا المطهرون.
والكلام على أي حال مسوق لتعظيم أمر القرآن وتجليله فمسه هو العلم به وهو في الكتاب المكنون كما يشير إليه قوله: " إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وأنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم " الزخرف: 4.
والمطهرون - اسم مفعول من التطهير - هم الذين طهر الله تعالى نفوسهم من أرجاس المعاصي وقذارات الذنوب أو مما هو أعظم من ذلك وأدق وهو تطهير قلوبهم من التعلق بغيره تعالى، وهذا المعنى من التطهير هو المناسب للمس الذي هو العلم دون الطهارة من الخبث أو الحدث كما هو ظاهر.
فالمطهرون هم الذين أكرمهم الله تعالى بتطهير نفوسهم كالملائكة الكرام والذين طهرهم الله من البسر، قال تعالى: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " الأحزاب: 33، ولا وجه لتخصيص المطهرين بالملائكة كما عن جلى المفسرين لكونه تقييدا من غير مقيد.
وربما جعل " لا " في " لا يمسه " ناهية، والمراد بالمس على هذا مس كتابة القرآن، وبالطهارة الطاهرة من الحدث أو الحدث والخبث جميعا - وقرئ " المطهرون " بتشديد الطاء والهاء وكسر الهاء أي المتطهرون - ومدلول الآية تحريم مس كتابة القرآن على غير طهارة.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست