تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ١١٣
قال في المجمع الثقف الظفر والادراك بسرعة، والتشريد التفريق على اضطراب. انتهى، وقوله: (فإما تثقفنهم) أصله إن تثقفهم دخل (ما) التأكيد على أن الشرطية ليصحح دخول نون التأكيد على الشرط والكلام مسوق للتأكيد في ضمن والشرط.
والمراد بتشريد من خلفهم بهم ان يفعل بهم من التنكيل والتشديد ما يعتبر به من خلفهم، ويستولى الرعب والخوف على قلوبهم فيتفرقوا وينحل عقد عزيمتهم واتحاد ارادتهم على قتال المؤمنين وإبطال كلمة الحق.
وعلى هذا فالمراد بقوله: (لعلهم يذكرون) رجاء ان يتذكروا ما لنقض العهد والافساد في الأرض والمحادة مع كلمة الحق من التبعة السيئة والعاقبة المشؤومة فان الله لا يهدى القوم الفاسقين وإن الله لا يهدى كيد الخائنين.
ففي الآية إيماء إلى الامر بقتالهم ثم التشديد عليهم والتنكيل بهم عند الظفر بهم وثقفهم، وإيماء إلى أن وراءهم من حاله حالهم في نقض العهد وتربص الدوائر على الحق وأهله.
قوله تعالى: (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين) الخيانة - على ما في المجمع - نقض العهد فيما يؤتمن عليه، وهذا معنى الخيانة في العهود والمواثيق، وأما الخيانة بمعناها العام فهى نقض ما أبرم من الحق في عهد أو أمانة 7 والنبذ هو الالقاء ومنه قوله: (فنبذوه وراء ظهورهم) آل عمران: 187 والسواء بمعنى الاستواء والعدل.
وقوله: (وإما تخافن) كقوله في الآية السابقة: (فإما تثقفنهم) ومعنى الخوف ظهور امارات تدل على وقوع ما يجب التحرز منه والحذر عنه وقوله: (إن الله لا يحب الخائنين) تعليل لقوله: (فانبذ إليهم على سواء).
ومعنى الآية: وإن خفت من قوم بينك وبينهم عهد ان يخونوك وينقضوا عهدهم ولاحت آثار دالة على ذلك فانبذ وألق إليهم عهدهم وأعلمهم إلغاء العهد لتكونوا أنتم وهم على استواء من نقض عهد أو تكون مستويا على عدل فإن من العدل المعاملة بالمثل والسواء لأنك إن قاتلتهم قبل إعلام إلغاء العهد كان ذلك منك خيانة والله لا يحب الخائنين.
(١١٣)
مفاتيح البحث: الخوف (2)، القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست