تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٤١٤
وفيه أخرج ابن الضريس في فضائل القرآن وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن الحسن أن أبي بن كعب كان يقول: إن أحدث القرآن عهدا بالله - وفي لفظ بالسماء - هاتان الآيتان: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) إلى آخر الآية.
أقول و: الرواية مروية من طريق آخر عن أبي بن كعب، وهى لا تخلو عن تعارض مع ما سيأتي من الرواية وكذا مع ما تقدم من الروايات في قوله تعالى:
(واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) الآية البقرة: 281 أنها آخر آية نزلت من القرآن.
على أن لفظ الآيتين لا يلائم كونهما آخر ما نزلت من القرآن إلا أن يكون إشارة إلى بعض الحوادث الواقعة في مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم كحديث الدواة والقرطاس.
وفيه أخرج ابن إسحاق وأحمد بن حنبل وابن أبي داود عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر براءة: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم - إلى قوله - (وهو رب العرش العظيم) إلى عمر فقال: من معك على هذا؟ فقال: لا ادرى والله إلا انى أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووعيتها وحفظتها فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة فانظروا سورة من القرآن فألحقوها فألحقت في آخر براءة.
أقول: وفي رواية أخرى ان عمر قال للحارث: لا أسألك عليها بينه أبدا كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي هذا المعنى أحاديث أخرى، وسنستوفي الكلام في تأليف القرآن وما يتعلق به من الأبحاث في تفسير سورة الحجر إن شاء الله تعالى.
وقد كنا نرجو ان نفرد كلاما في آخر براءة نبحث فيه عن شأن المنافقين في الاسلام ونستخرج ما يشرحه القرآن في أمرهم مع تحليل في تاريخهم وتبيين لما أودعوه من الفساد والبلوى بين المسلمين لكن طول الكلام في تفسير الآيات عاقنا عن ذلك فأخرناه إلى موضع آخر يناسبه والله نسأل التوفيق فهو وليه.
تم والحمد لله
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414
الفهرست