تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٣٠٢
على التمني (1).
وأما ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، ولكن ليقل: اللهم أحيني ما دامت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي (2). فإنما نهى عن التمني للضر، لأنه يدل على الجزع، والمأمور به الصبر وتفويض الأمور إليه.
ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين: والمراد بما قدمت أيديهم، ما أسلفوا من موجبات النار، من الكفر بمحمد وما جاء به وتحريف كتاب الله وسائر أنواع الكفر والعصيان.
ولما كانت اليد العاملة مختصة بالانسان آلة لقدرته بها عامة صنائعه، ومنها أكثر منافعه، عبر بها عن النفس تارة، والقدرة أخرى.
وقوله: " ولن يتمنوه أبدا " من المعجزات لأنه إخبار بالغيب.
روى الكلبي عن ابن عباس أنه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لهم: إن كنتم صادقين في مقالتكم فقولوا: اللهم أمتنا، فوالذي نفسي بيده لا يقولها رجل إلا غص بريقه (3) فمات مكانه (4).
وروي عنه (عليه السلام): أيضا أنه لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار (5).
ولتجدنهم أحرص الناس على حياة: من وجد بمعنى علم المتعدي إلى مفعولين، في قولهم وجدت زيدا ذا الخفاظ، ومفعولاه هم أحرص، وتنكير حياة،

(١) الكشاف: ج ١، ص ١٦٦.
(٢) مجمع البيان: ج ١، ص ١٦٤، ذيل الآية ٩٤، من سورة البقرة.
(٣) يقال: غصصت بالماء أغص غصصا فأنا غاص وغصان إذا شرقت به، أو وقف في حلقك فلم تكد تسيغه - النهاية لابن الأثير: ج 3، ص 370، باب الغين مع الصاد.
(4) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 164، ذيل الآية 95، من سورة البقرة.
(5) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 164، ذيل الآية 95، من سورة البقرة.
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست