مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٢٥
كما سيجئ في بحث نجاسة الكافر إنشاء الله تعالى قلت ذكر (ره) الاستدلال بهذه الآية على نجاسة الكفار ولم يعترض عليه إلا بوجهين أحدهما إن النجس في اللغة بمعنى المستقذر وهو أعم من المعنى المصطلح عليه والثاني إنه سلمنا أن النجس بمعنى المصطلح عليه لكن لا يثبت عموم نجاسة الكفار إذ منهم من ليس بمشرك والظاهر أن الوجه الثاني لا دخل له فيما نحن فيه والوجه الأول مشترك بين الآية والرواية فلم اعتمد على الرواية دون الآية إلا أن يفرق بين عرف الكتاب وعرف الأئمة (عليهم السلام) ويقول إن عرف الأئمة (عليهم السلام) مثل عرفنا سيما من زمان الباقر والصادق (عليهما السلام) إلى آخرهم (عليهم السلام) فمخالطتهم مع الفقهاء والعلماء اللذين اشتهر هذا العرف بينهم بخلاف عرف الكتاب في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه لم يكن هذه الاصطلاحات المتداولة بين الفقهاء شايعة في ذلك الزمان وبالروايات التي وردت في باب شعر الخنزير منها ما رواه التهذيب في باب الذبايح والأطعمة والفقيه في باب الصيد والذبايح عن برد الإسكاف قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك إنا نعمل بشعر الخنزير فربما نسي الرجل فصلى وفي يده شئ منه قال لا ينبغي له أن يصلي وفي يده منه شئ وقال خذوه فاغسلوه فما كان له دسم فلا تعملوا به وما لم يكن له دسم فاعملوا به واغسلوا أيديكم منه ومنها ما رواه التهذيب في الباب المذكور عن سليمان الإسكاف قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن شعر الخنزير نحرز به قال لا بأس به ولكن يغسل يده إذا أراد أن يصلي ومنها ما رواه التهذيب في كتاب المكاسب عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قلت له إن رجلا من مواليك يعمل الحمائل بشعر الخنزير قال إذا فرغ فليغسل يده ومنها ما رواه أيضا في هذا الكتاب عن برد الإسكاف قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن شعر الخنزير يعمل به قال خذ منه فاغسله بالماء حتى يذهب ثلث الماء ويبقى ثلثاه ثم اجعله في فجارة جديدة ليلة باردة فإن جمد فلا تعمل به وإن لم يجمد ليس عليه دسم فاعمل به واغسل يدك إذا مسته عند كل صلاة قلت ووضوئي قال لا اغسل اليد كما تمس الكلب وهذه الروايات وإن لم تكن صحيحة السند لكن تظافرها وتكاثرها ربما يعضد المطلوب ويرد عليها أيضا إن الامر بالغسل لا نسلم ظهوره في الوجوب فلعله يكون للاستحباب فإن قلت هل يرد هذا الايراد على الدليل المتقدم على هذه الروايات قلت كأنه لا يرد إذ لا خلاف لاحد منا أن الامر بالغسل عند إصابة الكلب والخنزير رطبا للوجوب ويمكن أن يقال لا خلاف لاحد في أن إصابة الكلب والخنزير بما تحله الحياة منهما يوجب الغسل أما إن الامر المطلق الوارد بالغسل عند إصابتهما الشامل بإطلاقه لإصابة ما لا تحله الحياة منهما كالشعر بل المحمول عرفا عليه على ما هو الغالب كما ذكر في الاستدلال للوجوب فلا نسلم إنه لا خلاف فيه بل لقايل أن يقول لعله للاستحباب إذا كان الإصابة محمولة على ما هو الغالب من إصابة الشعر أو للقدر المشترك بين الوجوب والندب إذا كانت محمولة على الأعم منهما ومن غيرها لكن لا يخفى أن حمل تلك الأوامر الكثيرة كلها على الاستحباب والقدر المشترك مع عدم معارض يصلح للمعارضة كما سيظهر عند نقل حجج المرتضى سيما مع معاضدة الشهرة بين الأصحاب بل قال في المعالم إنه لم تعرف الخلاف فيه إلا من المرتضى (ره) بوجوه منها إن ما لا تحله الحياة ليس من نجس العين لأنه إنما يكون من جملته إذا كان محلا للحيوة وفيه إن الجزء يتناول ما لا تحله الحياة عرفا ولغة فاستثنائه من الجزء لا وجه له ومنها إن ما لا تحله الحياة من نجس العين مثله من الميتة فيكون منه أيضا طاهرا وفيه إنه قياس مع الفارق فإن المقتضي للتنجيس في الميتة صفة الموت وهي غير حاصلة فيما لا تحله الحياة بخلاف نجس العين فإن نجاسته ذاتية هكذا في المدارك وهو كما ترى على ما طهر وجهه في بحث طهارة ما لا تحله الحياة من الميتة والأولى أن يقال في الجواب إن استثناء ما لا تحله الحياة من الميتة باعتبار الروايات التي قدمنا ولولاها لحكمنا بنجاسة من الميتة أيضا والرواية التي تصلح للتعويل مفقودة فيما نحن فيه كما سيظهر ومنها ما رواه التهذيب في باب المياه من الزيادات والكافي في باب البئر وما يقع فيها في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقي به الماء من البئر أيتوضأ من ذلك الماء قال لا بأس ومنها رواية الحسين بن زرارة أيضا بهذا المضمون وقد تقدم في بحث طهارة ما لا تحله الحياة من الميتة والجواب عنهما أولا بالحمل على أنه لم يصل إلى الماء كما حمله الشيخ في التهذيب ولا يخلو عن بعد وثانيا بأنه يجوز أن لا ينجس البئر والماء القليل بملاقاة النجاسة وعن الثاني خاصة بالقدح في السند واعلم إن العلامة في المنتهى أورد هذا الخبر الأخير وتكلم عليه بأن في طريقه ابن فضال وفيه ضعف وبأنه لا يلزم من ذلك ملامسته بالرطوبة وإن كان الأغلب ذلك فيحمل على النادر جمعا بين الأدلة وقال صاحب المعالم وما ذكره من عدم صحة السند صحيح إلا أن في تعليله نظرا من حيث اشتمال الطريق على جماعة ليست بصفة رجال الصحيح وابن فضال أحدها فلا وجه لذكره وحده ثم إن الطعن في هذا السند غير مجد بعد كون المتن مرويا بالطريق الآخر الصحيح على رأيه وأما الحمل على عدم الملاقاة فمحتمل لكن فيه بعد وملاحظة الجمع بين الأدلة إن كانت باعتبار الخبر السابق الدال على وجوب غسل الثوب إذا أصابه خنزير وحصل فيه تأثير فيرد عليها إن دلالة ذلك الخبر على نجاسة الشعر ليست بأظهر من دلالة هاتين الروايتين على طهارته فيشكل جعل التأويل في هذا الجانب وإن كانت باعتبار ما رواه الشيخ وذكر الروايات التي أوردنا آنفا في باب شعر الخنزير فيرد عليها إن في طريق الروايات ضعفا ولعل انضمام عمل الأصحاب بمضمونها مضافا إلى
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336