مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٩٠
عليه السلام مثل الخبر السابق بعينه وهذا الخبر وإن كان طريقه ليس معتمدا لكن يصلح للتأيد والتقوية وهذه هي الروايات التي أشرنا في بحث عدم إجزاء الطهارة بالماء النجس إنها سيجئ في بحثنا هذا ما يدل عليه من الروايات ووجه دلالتها على ذلك المطلوب ظاهر ثم لا يخفى أنه قد يناقش في الخبر الأول بأن كون المراد ما ذكرتم غير ظاهر بل يمكن أن يوجه بثلاثة أوجه أخرى أحدها أن يكون المراد ما فات وقتها لا إعادة عليك لان الرجل إذا صلى بالنجاسة لا يعيد في خارج الوقت وإن توضأ أيضا بالماء النجس كما هو المفروض في السؤال ولكن إذا صلى بغير غسل وبغير وضوء فيعيد في الوقت وخارجه وحاصله الفرق بين ترك الطهارة مطلقا وبين الاتيان بها وإن كانت فاسدة وفيه مع قطع النظر عن المقابلة حينئذ بين الثوب والجسد والتعبير عن فساد الطهارة باعتبار النجاسة بنجاسة الثوب وعن تركها مطلقا بنجاسة الجسد مما لا يظهر له وجه وجيه لان الفرق بين عدم الطهارة رأسا وبين الطهارة الفاسدة كأنه لم يقل به أحد الخبر عليه بعيد جدا ولا يخفى انه على هذا الوجه أيضا الاستدلال بالخبر على عدم إجزاء الطهارة بالماء النجس باق بحاله إذ بمجرد تسليم إن الطهارة فاسده بسبب نجاسة الماء ثبت المدعى المذكورة سواء ثبت أنه يقتضي الإعادة في خارج الوقت أولا وهو ظاهر فإن قلت لعله يكون فساده الطهارة لأجل نجاسة الماء قلت على هذا أيضا يلزم المدعى لان نجاسة الماء يستلزم نجاسة المحل وهي يستلزم الفساد فنجاسة الماء يستلزم الفساد وهو المطلوب إذ ليس المطلوب سوى الاستلزام في الجملة وأما الاستلزام بالذات فلا وثانيها أن يكون المراد إن ما فات وقته لا إعادة عليك لان الصلاة بالنجاسة لا يستلزم إلا الإعادة في الوقت نعم الصلاة بغير طهارة يستلزمه مطلقا وها هنا ليس كذلك لأن الطهارة بالماء النجس مجزية وعلى هذا يبطل الاستدلال به على عدم إجزاء الطهارة بالماء النجس وفي هذا التوجيه وإن لم يلزم ما ذكرنا في التوجيه السابق من عدم حسن التعبيرين لكن مثل الايراد الأول باق بحاله لان إجزاء الطهارة بالماء النجس أيضا كأنه لم يقل به أحد ويرد عليه أيضا أنه لا يلايم قوله عليه السلام كنت حقيقا أن تعيد الصلوات التي كنت صليتهن بذلك الوضوء لاشعاره بوقوع فساد في الوضوء وهذا الوجه مبني على صحته وثالثها أن يكون المراد مثل ما في سابقه لكن يبنى صحة الطهارة على عدم نجاسة الماء القليل بالملاقاة وعلى هذا أيضا يبطل الاستدلال المذكور وهذا أقرب من سابقيه لكن فيه أيضا عدم الملايمة المذكورة آنفا وأيضا على هذا يجب القول بأن طهارة المحل ليست شرطا في الطهارة ولعل القايل به أيضا ليس بمتحقق إلا أن يقال كان الماء بوروده يزيل الخبث والحدث معا وفيه من حيث أن في حال الوضوء بالطريق المعهود المتعارف لا يصل الماء غالبا إلى جميع الوجه بالوجه الذي لابد منه في التطهير وأيضا القائلون باشتراط طهارة المحل كأنهم يقولون باشتراط طهارته السابقة لا حال الطهارة فقط إذ قد عرفت حال الأوجه الثلاثة فالظاهر حمله على الوجه الأول الذي ذكرنا في الاستدلال ويتم المطلوب والحق إن متن الخبر لا يخلو من انغلاق وفهم المراد منه بحيث يكون صالحا للاحتجاج به في خارج الوقت كما ذكرنا مشكل لكن مع انضمامه بالخبرين الآخرين مع قوة طريق أحدهما واعتضاده بعمل أكثر الأصحاب إذ الظاهر أن أكثرهم متفقون في هذا الجزء من الحكم وتأيده بالاحتياط وبما سيجئ من أدلة مذهب العلامة كأنه يقرب الحكم جدا وإن كان يرد على الروايات كلها إن الامر في الأحاديث لا يدل على الوجوب فإن قلت هل يرد عليها أيضا إن الامر بالإعادة لعله لنجاسة الثوب والبدن لا لأجل الطهارة قلت لا أما أولا فلانه خرق للاجماع المركب إذ لم يقل أحد كما هو الظاهر بإعادة العامد والناسي في الوقت وخارجه لنجاسة الثوب والبدن لا لفساد الطهارة وأما ثانيا فلان الطهارة بالماء النجس يستلزم نجاسة البدن أيضا فيستلزم الإعادة وهو المطلوب وإن لم يكن الاستلزام بالذات لكن فيه أنه قد يتفق أن يتوضأ بالماء النجس ثم يغسل أعضاؤه بالماء الطاهر ثم يصلي هذا وأما على الجزء الثاني أي عدم إعادة الجاهل مطلقا في الوقت وخارجه فلان الظاهر أن الامتثال بالصلاة مثلا يحصل بمجرد الاتيان بتلك الافعال المخصوصة مقترنا بظن تحقق شرائطها المعلومة كالطهارة مثلا إذ تحصيل الجزم بحصول الشرايط متعذرا ومتعسر بحيث يفضي إلى الحرج المنفي في الدين ولو سلم لزوم الجزم أيضا فلا شك إن الجزم المطابق للواقع ليس بشرط لأنه أما تكليف بما لا يطاق أو بما هو أقرب إليه من النور إلى الأحداق وحينئذ فلو فرض إن المكلف أتى وقت الظهر مثلا بالصلاة ظانا أو جازما بحصول الطهارة الشرعية فقد أتى بالمأمور به فإذا ظهر بعد ذلك إن طهارته كانت فاسدة فلزوم الإعادة عليه سواء كان في الوقت أو خارجه يحتاج إلى تكليف آخر لان التكليف بالصلاة عند دلوك الشمس لا نسلم أنه يقتضي أزيد مما فرض الاتيان به والأصل عدمه حتى يثبت وقد يثبت في حال النسيان بالدليل الذي ذكرنا وبقي حالة الجهل إذ لا دليل عليه لما ستطلع عليه من تزييف دليل المخالف ثم لو فرض إن العقل لم يحكم في الصورة المفروضة بتحقق الامتثال جزما فلا شك إنه لا يجزم أيضا بعدم الامتثال والأصل براءة الذمة حتى يثبت شئ ولو قيل إن التكليف اليقيني السابق لا بد له من تحصيل البراءة اليقينية ولا أقل من الظنية فلا يكفي الشك على ما فرضت ففيه أيضا محل الكلام ومجال النزاع وقد يؤيد أيضا أدنى تأييد بما نقل عن علي (عليه السلام) لا أبالي أبول أصابني أم ماء إذا لم أعلم والله أعلم احتج العلامة في المختلف على الحكم الأول مما استوجهه الذي هو مسئلتنا هذه بقوله إن من صور النزاع الطهارة بالمتغير من الماء وهو منهي عنه والنهي يدل على الفساد أما الأول فلما رواه حريز بن عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال فإذا تغير الماء و تغير الطعم فلا يتوضأ منه ولا يشرب منه وأما المقدمة الثانية فلانه يأت بالمأمور به فيبقى في عهدة التكليف أما الصغرى فلانه أتى بالمنهي عنه والمأمور به
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336