مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٣٠
والظاهر من الأقاويل قول الأكثر لأنه حكم على خلاف الأصل فيقتصر على القدر المتيقن ولا يقين فيما سوى جفاف الجميع والروايتان السابقتان الدالتان على الإعادة مع الجفاف لا ظهور لهما في جفاف البعض كما لا يخفى ويؤيده أيضا الروايات السابقة في بحث استيناف الماء للمسح المتضمنة للاخذ من اللحية والحاجب والأشفار واعلم أيضا أن الأصحاب ذكروا إن مراعاة الجفاف إنما هو بالقياس إلى الهواء المعتدل وظاهره أن تعجيل الجفاف في الهواء الحار جدا وكذا تأخيره في الهواء الرطب جدا مما لا يعتد به بل إنما يراعى حكم التوسط لكن المصنف (ره) في الذكرى حكم بأن وجود البلل حسا كاف البتة ولم يضر الجفاف على تقدير اعتدال الهواء وحمل كلام الأصحاب على أن مرادهم من التقييد إخراج طرف الافراط في الحرارة وهو جيد لان الإعادة إنما علقت على الجفاف لا يصدق الجفاف ها هنا لا لغة ولا عرفا والجفاف التقديري لا عبرة به وأنت خبير بأن التقييد لاخراج طرف الافراط فقط أيضا فيه إشكال لان الحكم معلق على الجفاف وقد تحقق في هذا الفرض فالتقدير لا وجه له إلا أن يقال المتبادر منه الجفاف حال اعتدال الهواء وفيه ضعف أو يتمسك بالحرج والاضطرار وهو أيضا ضعيف سيما في بعض الصور نعم يمكن أن يقال إن هذا الحكم على خلاف الأصل فيقتصر على القدر المتيقن ولا يقين فيما سوى الجفاف على تقدير الاعتدال لعدم الاتفاق فيه والروايتان المنقولتان آنفا الدالتان على الإعادة مع الجفاف أحديهما موثقة فلا يصلح للتعويل والأخرى منقولة بطريقين أحدهما ما اشترك فيه التهذيب والكافي وهو ضعيف وثانيهما ما اختص به التهذيب وهو وإن كان صحيحا لكن فيه حسين ابن سعيد عن معاوية بن عمار وهو يختلج الشك فيه من حيث بعد رواية حسين عنه بلا واسطة فهي أيضا مما يضعف الاعتماد عليه خصوصا مع عدم عمل الأصحاب بظاهرها وأما مرسلة الفقيه عن الصادق (عليه السلام) ورواية مالك بن أعين المنقولتان في بحث استيناف الماء للمسح فهما أيضا لا يصلحان للتعويل للارسال والجهالة مع أنهما يختصان بنسيان المسح وإعادة الوضوء مع الجفاف وعنده فحينئذ يجوز أن يكون الإعادة لأجل عدم جواز الاستيناف للمسح لا لبطلان الوضوء بالجفاف فتأمل ثم إن الشهيد الثاني في شرح الارشاد قال والمعتبر من البلل الحسي فلا اعتبار بتقدير الهواء حال كونه مفرط الرطوبة بكونه معتدلا ولا بتقييد بعضهم الهواء بالمعتدل ليخرج طرف الافراط في الحرارة فإن زوال البلل حينئذ مغتفر كما تقدم انتهى ولا يذهب عليك إن ما ذكره من اغتفار زوال البلل حينئذ هو بعينه ما ذكروه من تقييد الهواء بالمعتدل لاخراج طرف الافراط بالحرارة فلا وجه للايراد عليهم أصلا فتدبر وذكر المصنف (ره) أيضا في الذكرى أنه لو أشبع الماء بحيث لو اعتدل لجف لم يضر أيضا وهو أيضا حسن كما ظهر وجهه (ويصح نذر الولاء فيلزم ويبطل الاخلال به الوضوء إن جف وإلا ففيه وجهان ويكفر أن تعين) المراد بالولاء المتابعة بدون فصل واعلم إن أنذر الولاء يحتمل وجهين الأول أن ينذر أن يتابع بين أعضاء الوضوء الواجبي أو الندبي إن فعله الثاني أن ينذر الاتيان بوضوء يوالي فيه ولا خفاء في صحة النذر بالوجهين أما على تقدير عدم وجوب الموالاة فمطلقا لما فيه من المسارعة إلى الطاعة وأما على وجوبها فعلى القول بصحة نذر الواجبات وأما لو أخل بالولاء فهل يبطل الوضوء بدون الجفاف أم لا ففيه وجهان نظرا إلى أن المعتبر في صحة الفعل حاله الذي اقتضاه النذر أم أصله وتحقيق المقام أن يقال إن النذر إن كان بالنحو الأول فلو توضأ بالوضوء الذي نذر أن يوالي فيه ولم يوال فالظاهر صحته لان النذر المذكور لم يقيد الامر المطلق به كما هو الظاهر فيتحقق الامتثال نعم لم يأت بما نذره فإن كان مضيقا وفات وقته لزم الكفارة وإلا فلا بل إنما يلزم الاتيان به في وقت آخر في وضوء آخر وإن كان بالنحو الثاني فإن أتى بوضوء بدون الولاء فإن قصد به المنذور فلا خفاء في عدم أجزائه عنه فحينئذ ان كان في ذمته وضوء آخر واجب أو مندوب فلا يخلو أما إن قصده أيضا أو لا فإن قصده فإنما يجزي عنه البتة وإن لم يقصده فأجزائه عنه وعدمه بناء على وجوب قصد التكليف بخصوصه في الامتثال وعدمه فعلى الأول الثاني وعلى الثاني الأول ثم هذا النذر إن كان مضيقا فيلزم الكفارة وإلا فلا وإن لم يقصد به المنذور فالامر واضح (والمباشرة بنفسه مع الاختيار وعد ابن الجنيد ذلك ندبا باطل) المراد بالمباشرة بنفسه صب الماء على أعضاء الغسل والمسح بنفسه فأما صب الماء على اليد ليصيب على العضو الاخر فليس بمراد ظاهرا لأنه ليس من أفعال الوضوء واعلم إن وجوب المباشرة بنفسه مع الاختيار قد ادعى العلامة في المنتهى الاجماع عليه وقال المحقق أيضا في المعتبر هذا مذهب الأصحاب وقال المرتضى في الانتصار أنه انفرد به الإمامية ونقل عن ابن الجنيد أنه قال يستحب أن لا يشرك الانسان في وضوءه غيره بأن يوضيه أو يعينه عليه وهذا القول ضعيف أما أولا فلدعوى الاجماع على خلافه وأما ثانيا فلان الأوامر الواردة بالوضوء إنما يتبادر منها توضي المكلف بنفسه لان إسناد الفعل إلى فاعله هو الحقيقة ثم أنه لا خفاء في بطلان الوضوء بدون المباشرة وأما إنه هل يحرم ذلك أم لا ظاهر المعتبر والمنتهى الاجماع على عدم الجواز لكن الظاهر عدم حصول الظن بأمثال هذه العبارات في مثل هذا الموضع إذ كثيرا ما يستعملون في عدم الاجزاء عدم الجواز ويشتبه أحدهما بالآخر جدا إلا أن يقال ببدعية العبادات على النحو الغير المتلقى من الشارع وإن كل بدعة حرام وكلاهما لا يخلو من إشكال أو يقال بدخوله تحت إبطال العبادة وأنه منهي عنه وفيه أيضا خفاء ويمكن أن يستدل عليه بما رواه التهذيب في زيادات صفة الوضوء عن الحسن بن علي الوشا قال دخلت على الرضا عليه السلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه إلى الصلاة فدنوت لأصب عليه فأبى ذلك وقال مه يا حسن فقلت له تنهاني إن أصب على يدك تكره أن أوجر فقال تؤجر أنت وأوزر أنا فقلت له وكيف ذلك فقال ما سمعت الله يقول فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب النوادر قبل أبواب الحيض ووجه الاستدلال إن الوزر ظاهره الاثم لكنه لما كان سند الرواية لم يظهر صحته ويمكن أيضا حمل الوزر على الكراهة سيما مع قرينة لفظة فأكره مع أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فلم يصلح للتعويل عليها في الحرمة فإن قلت ما معنى قوله عليه السلام تؤجر أنت وأوزر أنا لأنه إذا حصل الوزر له كيف يحصل الاجر للراوي لان معاونة الاثم إثم ومعاونة المكروه مكروه قلت كان مراده عليه السلام إنه لما كان الراوي يظن أنه إعانة على البر فهو إنما يثاب بظنه بظنه لو لم
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336