ويا موسى! وطن نفسك على الصبر تلق الحلم، وأشعر قلبك التقوى تنل العلم، ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم.
يا موسى! تفرغ للعلم إن كنت تريده، فإن العلم لمن تفرغ، ولا تكونن مكثارا بالنطق مهذارا (1)، فإن كثرة النطق تشين العلماء، وتبدي مساوي السخفاء، ولكن عليك بالاقتصاد، فإن ذلك من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجهال وباطلهم، واحلم عن السفهاء، فإن ذلك فعل الحكماء وزين العلماء، إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلما وحنانة وحرما، فإن ما بقي من جهله عليك وشتمه إياك أعظم وأكبر.
يا بن عمران! ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلا، فإن الاندلاث والتعسف من الاقتحام والتكلف.
يا بن عمران! لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه، ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه.
يا بن عمران! من لا ينتهي من الدنيا نهمته (2) ولا ينقضي منها رغبته كيف يكون عابدا! ومن يحقر حاله ويتهم الله فيما قضى كيف يكون زاهدا!
هل يكف عن الشهوات من غلب عليه هواه! أو ينفعه طلب العلم والجهل قد حواه! لأن سفره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه.
ويا موسى! تعلم ما تعلمته لتعمل به، ولا تتعلمه لتحدث به، فيكون عليك بوره ويكون لغيرك نوره.
ويا بن عمران! اجعل الزهد والتقوى لباسك، والعلم والذكر كلامك، وأكثر من الحسنات، فإنك مصيب السيئات، وزعزع بالخوف قلبك، فإن ذلك يرضي ربك، واعمل خيرا، فإنك لا بد عامل سوء قد وعظت إن حفظت. فتولى الخضر وبقي موسى حزينا مكروبا يبكي (3).
- الخضر (عليه السلام) - لموسى (عليه السلام) وهو آخر وصيته -:
لا تعيرن أحدا بذنب، وإن أحب الأمور إلى الله عز وجل ثلاثة: القصد في الجدة (4)، والعفو في المقدرة، والرفق بعباد الله، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله عز وجل به يوم القيامة، ورأس الحكمة مخافة الله تبارك وتعالى (5).
(انظر) النبوة (2): باب 3794.
[4078] وصايا الله لمحمد (صلى الله عليه وآله) - رسول الله (صلى الله عليه وآله): أوصاني ربي بتسع:
أوصاني بالإخلاص في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى، وأن أعفو عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأصل من قطعني، وأن يكون صمتي فكرا، ومنطقي ذكرا، ونظري عبرا (6).
- الإمام علي (عليه السلام): إن النبي (صلى الله عليه وآله) سأل ربه ليلة المعراج فقال: يا رب! أي الأعمال أفضل؟