هذا الكتاب، وكذا البحث عن معنى النبوة والرسالة والتكليم.
وذكر الكتاب النازل عليه وهو التوراة فوصفها بأنها إمام ورحمة (سورة الأحقاف: 12) وبأنها فرقان وضياء وذكر (الأنبياء: 48) وبأن فيها هدى ونور (المائدة: 44) وقال: * (وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ) * (1).
غير أنه تعالى ذكر في مواضع من كلامه أنهم حرفوها واختلفوا فيها، وقصة بخت نصر وفتحه فلسطين ثانيا - وهدمه الهيكل، وإحراقه التوراة، وحشره اليهود إلى بابل سنة خمس مائة وثمان وثمانين قبل المسيح، ثم فتح كورش الملك بابل سنة خمس مائة وثمان وثلاثين قبل المسيح، وإذنه لليهود أن يرجعوا إلى فلسطين ثانيا، وكتابة عزراء الكاهن التوراة لهم معروف في التواريخ، وقد تقدمت الإشارة إليه في الجزء الثالث من الكتاب في قصص المسيح (عليه السلام).
2 - قصص موسى (عليه السلام) في القرآن:
هو (عليه السلام) أكثر الأنبياء ذكرا في القرآن الكريم، فقد ذكر اسمه - على ما عدوه - في مائة وستة وستين موضعا من كلامه تعالى، وأشير إلى قصته إجمالا أو تفصيلا في أربع وثلاثين سورة من سور القرآن، وقد اختص من بين الأنبياء بكثرة المعجزات، وقد ذكر في القرآن شئ كثير من معجزاته الباهرة كصيرورة عصاه ثعبانا، واليد البيضاء، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، وفلق البحر، وإنزال المن والسلوى، وانبجاس العيون من الحجر بضرب العصا، وإحياء الموتى، ورفع الطور فوق القوم، وغير ذلك.
وقد ورد في كلامه تعالى طرف من قصصه (عليه السلام) من دون استيفائها في كل ما دق وجل، بل بالاقتصار على فصول منها يهم ذكرها لغرض الهداية والإرشاد على ما هو دأب القرآن الكريم في الإشارة إلى قصص الأنبياء وأممهم.
وهذه الفصول التي فيها كليات قصصه هي: أنه تولد بمصر في بيت إسرائيلي حينما كانوا يذبحون المواليد الذكور من بني إسرائيل بأمر فرعون، وجعلت أمه إياه في تابوت وألقته في البحر، وأخذ فرعون إياه ثم رده إلى أمه للإرضاع والتربية ونشأ في بيت فرعون.
ثم بلغ أشده وقتل القبطي وهرب من مصر إلى مدين خوفا من فرعون وملئه أن يقتلوه قصاصا.
ثم مكث في مدين عند شعيب النبي (عليه السلام) وتزوج إحدى بنتيه.
ثم لما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا وقد ضلوا الطريق في ليلة شاتية، فأوقفهم مكانهم وذهب إلى النار ليأتيهم بقبس أو يجد على النار هدى، فلما أتاها ناداه الله من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وكلمه واجتباه وآتاه معجزة العصا واليد البيضاء في تسع آيات، واختاره للرسالة إلى فرعون وملئه وإنجاء بني إسرائيل وأمره بالذهاب إليه.
فأتى فرعون ودعاه إلى كلمة الحق وأن يرسل