ومن دخله كان آمنا (البقرة: 127 - 129، آل عمران: 96 - 97) وأذن في الناس بالحج وشرع نسك الحج (الحج 26 - 30).
ثم أمره الله بذبح ولده إسماعيل (عليه السلام) فخرج معه للنسك فلما بلغ معه السعي قال:
يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك، قال:
يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فلما أسلما وتله للجبين نودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، وفداه الله سبحانه بذبح عظيم (الصافات: 101 - 107).
وآخر ما قص القرآن الكريم من قصصه (عليه السلام) أدعيته في بعض أيام حضوره بمكة المنقولة في سورة إبراهيم (آية 35 - 41) وآخر ما ذكر فيها قوله (عليه السلام): * (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) *.
منزلة إبراهيم عند الله سبحانه وموقفه العبودي:
أثنى الله تعالى على إبراهيم (عليه السلام) في كلامه أجمل ثناء، وحمد محنته في جنبه أبلغ الحمد، وكرر ذكره باسمه في نيف وستين موضعا من كتابه، وذكر من مواهبه ونعمه عليه شيئا كثيرا.
وهاك جملا من ذلك: آتاه الله رشده من قبل (الأنبياء: 51) واصطفاه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه: أسلم قال:
أسلمت لرب العالمين (البقرة: 130، 131) وهو الذي وجه وجهه إلى ربه حنيفا وما كان من المشركين (الأنعام: 79) وهو الذي اطمأن قلبه بالله وأيقن به بما أراه الله من ملكوت السماوات والأرض (البقرة: 260، الأنعام: 75).
واتخذه الله خليلا (النساء: 125) وجعل رحمته وبركاته عليه وعلى أهل بيته ووصفه بالتوفية (النجم: 37) ومدحه بأنه حليم أواه منيب (هود: 73 - 75) ومدحه أنه كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتاه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين (النحل: 120 - 122).
وكان صديقا نبيا (مريم: 41) وعده الله من عباده المؤمنين ومن المحسنين وسلم عليه (الصافات: 83 - 111) وهو من الذين وصفهم بأنهم أولو الأيدي والأبصار وأنه أخلصهم بخالصة ذكرى الدار (ص: 45، 46) وقد جعله الله للناس إماما (البقرة: 124) وجعله أحد الخمسة اولي العزم الذين آتاهم الكتاب والشريعة (الأحزاب: 7، الشورى: 13، الأعلى: 18، 19) وآتاه الله العلم والحكمة والكتاب والملك والهداية وجعلها كلمة باقية في عقبه (النساء: 54، الأنعام:
74 - 90، الزخرف: 28) وجعل في ذريته النبوة والكتاب (الحديد: 26) وجعل له لسان صدق في الآخرين (الشعراء: 84، مريم: 50).
فهذه جمل ما منحه الله سبحانه من المناصب الإلهية ومقامات العبودية ولم يفصل القرآن الكريم في نعوت أحد من الأنبياء والرسل المكرمين وكراماتهم ما فصل من نعوته وكراماته (عليه السلام).
وليراجع في تفسير كل من مقاماته المذكورة إلى ما شرحناه في الموضع المختص به فيما تقدم أو سنشرحه إن شاء الله تعالى، فالاشتغال به ههنا