بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ١١٥
وقال: سحا الطين يسحيه ويسحوه ويسحاه سحيا: قشره وجرفه، والمسحاة - بالكسر - ما سحي به (1).
وقال: خفض القول يا فلان: لينه، والامر: هونه (2).
قوله: من هنا ومن هنا.. أي من أول الأمر حيث منعتني الخلافة ومن هذا الوقت حيث تقر لي بالفضل، ويمكن أن يقرأ (من) بالفتح فيهما.. أي من كان المانع في أول الأمر ومن القائل في هذا الوقت، أي لا تناسب بينهما، وعلى الأول يحتمل أن يكون أحدهما إشارة إلى الدنيا والآخر إلى العقبى (3).
* * * * *

(١) نص عليه في القاموس ٤ / ٣٤١، ومثله في لسان العرب ١٤ / ٣٢٧.
(٢) ذكره في القاموس ٢ / ٣٣٠، وانظر: لسان العرب ٧ / ١٤٥ - ١٤٦. وفي (ك) نسخة: هينة، بدلا من: هونه.
(٣) أقول: نظير هذا ما جاء عن طريق العامة كثيرا وسيأتي في مطاعن الثلاثة منه جملة، ونذكر منه ما أورده أبو إسحاق الثعلبي المتوفى سنة ٤٢٧ ه‍ في كتابه العرائس: ٢٣٢ - ٢٣٩ في قصة مفصلة، نذكر منها صدرها ويكشف منه استمرار خبطهم وجهلهم، قال:
لما ولي... عمر بن الخطاب الخلافة أتاه قوم من أحبار اليهود فقالوا: يا عمر! أنت ولي الأمر بعد محمد (ص) وصاحبه، وإنا نريد أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا بها علمنا أن الاسلام حق وأن محمدا كان نبيا، وإن لم تخبرنا به علمنا أن الاسلام باطل وأن محمدا لم يكن نبيا. فقال: سلوا عما بدا لكم؟. قالوا: أخبرنا... قال: فنكس عمر رأسه في الأرض ثم قال: لا عيب بعمر إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، وأن يسئل عما لا يعلم. فوثبت اليهود وقالوا: نشهد أن محمدا لم يكن نبيا وأن الاسلام باطل!.
فوثب سلمان الفارسي وقال لليهود: قفوا قليلا.. ثم توجه نحو علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حتى دخل عليه، فقال: يا أبا حسن! أغث الاسلام. فقال: وما ذاك؟.. فأخبره الخبر، فأقبل يرفل في بردة رسول الله (ص)، فلما نظر إليه عمر وثب قائما فاعتنقه، وقال: يا أبا الحسن! أنت لكل معضلة وشدة تدعى.
فدعا علي كرم الله وجهه اليهود فقال: سلوا عما بدا لكم فإن النبي (ص) علمني ألف باب من العلم فتشعب لي من كل باب ألف باب، فسألوه عنه، فقال علي كرم الله وجهه: إن لي عليكم شريطة إذا أخبرتكم كما في توراتكم دخلتم في ديننا وآمنتم؟. فقالوا: نعم. فقال: سلوا عن خصلة.. خصلة.
قالوا: أخبرنا عن أقفال السماوات ما هي؟.
قال: أقفال السماوات، الشرك بالله، لان العبد والأمة إذا كانا مشركين لم يرتفع لهما عمل.
قالوا: فأخبرنا عن مفاتيح السماوات ما هي؟.
قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. فجعل بعضهم ينظر إلى بعض ويقولون: صدق الفتى.
قالوا: فأخبرنا بقبر سار بصاحبه؟.
فقال: ذلك الحوت الذي التقم يونس بن متى فسار به في البحار السبع [كذا].
فقالوا: أخبرنا عمن أنذر قومه لا هو من الجن ولا هو من الانس؟.
قال: هي نملة سليمان بن داود، قالت: * (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) *.
قالوا: فأخبرنا عن خمسة مشوا على الأرض ولم يخلقوا في الأرحام؟.
قال: ذلكم: آدم، وحواء، وناقة صالح، وكبش إبراهيم، وعصى موسى.
قالوا: فأخبرنا ما يقول الدراج في صياحه؟.
قال: يقول: الرحمن على العرش استوى.
قالوا: فأخبرنا ما يقول الديك في صراخه؟.
قال: يقول: اذكروا الله يا غافلين.
قالوا: أخبرنا ما يقول الفرس في صهيله؟.
قال: يقول إذا مشى المؤمنون إلى الكافرين إلى الجهاد: اللهم انصر عبادك المؤمنين على الكافرين.
قالوا: فأخبرنا ما يقول الحمار في نهيقه؟.
قال: يقول: لعن الله العشار.. وينهق في أعين الشياطين.
قالوا: فأخبرنا ما يقول الضفدع في نقيقه؟.
قال: يقول: سبحان ربي المعبود المسبح في لجج البحار.
قالوا: فأخبرنا ما يقول القنبر في صفيره؟.
قال: يقول: اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد.
وكان اليهود ثلاثة نفر، قال اثنان منهم: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ووثب الحبر الثالث فقال: يا علي! لقد وقع في قلوب أصحابي ما وقع من الايمان والتصديق، وقد بقي خصلة واحدة أسألك عنها؟.
فقال: سل عما بدا لك.
فقال: أخبرني عن قوم في أول الزمان ماتوا ثلاثمائة وتسع سنين ثم أحياهم الله فما كان من قصتهم؟.
قال علي رضي الله عنه: يا يهودي! هؤلاء أصحاب، وقد أنزل الله على نبينا قرآنا فيه قصتهم؟، وإن شئت قرأت عليك قصتهم.
فقال اليهودي: ما أكثر ما قد سمعنا قراءتكم، إن كنت عالما فأخبرني بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وأسماء مدينتهم، واسم ملكهم، واسم كلبهم، واسم جبلهم، واسم كهفهم؟ وقصتهم من أولها إلى آخرها؟. فاحتبى علي ببردة رسول الله (ص) ثم قال:... وأورد قصة أصحاب الكهف بطولها، ونقلها شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره ٦ / ١٤٨ - ١٥٥.
ومنها: ما جاء عن طريق العامة - كما أورده الحافظ العاصمي في كتابه زين الفتى في شرح سورة هل أتى (خطي) -.. وحكاه عنه في الغدير ٦ / ٢٤٢ - ٢٤٣، وفيه:
قدم أسقف نجران على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في صدر خلافته فقال: يا أمير المؤمنين!
إن أرضنا باردة.. إلى أن قال: فقال له الأسقف: يا عمر! أتقرؤون في كتابكم: وجنة عرضها كعرض السماء والأرض، فأين تكون النار؟. فسكت عمر وقال لعلي: أجبه أنت.
فقال له علي: أنا أجيبك يا أسقف، أرأيت إذا جاء الليل أين يكون النهار؟. وإذا جاء النهار أين يكون الليل؟. فقال الأسقف: ما كنت أرى عن أحد ليجيبني عن هذه المسألة. من هذا الفتى يا عمر؟.
فقال: علي بن أبي طالب، ختن رسول الله (ص) وابن عمه، وهو أبو الحسن والحسين.
فقال الأسقف: فأخبرني يا عمر! عن بقعة من الأرض طلع فيها الشمس مرة واحدة ثم لم تطلع قبلها ولا بعدها؟.
فقال عمر: سل الفتى، فسأله.
فقال: أنا أجيبك، هو البحر حيث انفلق لبني إسرائيل ووقعت فيه الشمس مرة واحدة لم تقع قبلها ولا بعدها؟.
فقال الأسقف: أخبرني عن شئ في أيدي الناس شبه بثمار الجنة؟.
فقال عمر: سل الفتى. فسأله.
فقال علي: أنا أجيبك، هو القرآن، يجتمع عليه أهل الدنيا فيأخذون منه حاجتهم فلا
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 115 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691