بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٢٣
قد تولع قلبها بالنبي صلى الله عليه وآله لما سمعت (1) من الأحبار والرهبان والكهان، وما يذكرونه من الدلالات، وما رأت قريش من الآيات، فكانت تقول: سعدت من تكون لمحمد قرينة، فإنه يزين صاحبه (2)، وازداد بها الوجد، ولج بها الشوق (3)، فبعثت إلى عمها ورقة ابن نوفل فقالت له: يا عم أريد أن أتزوج وما أدري بمن يكون، وقد أكثر علي الناس وقلبي لا يقبل منهم أحدا، فقال لها ورقة: يا خديجة ألا أعلمك بحديث غريب وأمر عجيب؟ قالت: وما هو يا عم؟ قال: عندي كتاب من عهد عيسى عليه السلام فيه طلاسم وعزائم، أعزم بها على ماء وتأخذينه وتغسلين به، ثم أكتب كتابا فيه كلمات من الزبور، وكلمات من الإنجيل، فتضعيه تحت رأسك عند النوم وأنت على فراشك ملتفة بثيابك، فإن الذي يكون زوجك يأتيك في منامك حتى تعرفيه باسمه وكنيته، فقالت: افعل يا عم، قال:
حبا وكرامة، وكتب الكتاب، وأعطاها إياه، وفعلت ما أمرها به ونامت فرأت كأن قد جاء إليها رجل لا بالطويل الشاهق، ولا بالقصير اللاذق، أدعج العينين، أزج الحاجبين، أحور المقلتين (4)، عقيقي الشفتين، مورد الخدين، أزهر اللون، مليح الكون، معتدل القامة، تظله الغمامة، بين كتفيه علامة، راكب على فرس من نور، مزمم (5) بسلسلة من ذهب، على ظهره سرج من العقيان، مرصع بالدر والجوهر، له وجه كوجه الآدميين منشق الذنب، له أرجل كالبقر، خطوته مد البصر، وهو يرقل بالراكب، وكان خروجه من دار أبي طالب، فلما رأته خديجة ضمته إلى صدرها، وأجلسته في حجرها، ولم تنم باقي ليلتها إلى أن أقبلت إلى عمها ورقة، وقالت: أنعمت صباحا يا عم، قال: وأنت لقيت

(1) في المصدر: وكان قد وقع محبة النبي صلى الله عليه وآله في قلبها وقد تولع خاطرها به لما سمعت.
(2) فإنه يزين صاحبه ولا يشين خ ل.
(3) لح عليها خ ل.
(4) دعجت العين: صارت شديدة السواد مع سعتها فصاحبها أدعج. وحورت العين: اشتد بياض بياضها وسواد سوادها فصاحبها أحور. والمقلة: شحمة العين، أو هي السواد والبياض منها.
العين ذاتها.
(5) مزموم خ ل.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402