بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٣٤
ومن حاد عنها هلك، فاقتحم القوم الماء وهم يقولون: الكلمة (1)، ولم يتأخر من القوم سوى رجلين: أحدهما من بني جمح، والآخر من بني عدي، فقال العدوي: بسم الله و بالله، وقال الجمحي: بسم اللات والعزى، فغرق الجمحي وأمواله، وسلم العدوي و أمواله، فقال القوم للعدوي: ما بال صاحبك غرق؟ قال: إنه قد عوج لسانه وخالف قول النبي صلى الله عليه وآله (2) فغرق، فاغتم أبو جهل لعنه الله وقومه، وقالوا: ما هذا إلا سحر عظيم، فقال له بعض أصحابه: يا ابن هشام ما هذا بسحر، ولكن والله ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أفضل من محمد، فلم يرد جوابا، وساروا حتى نزلوا على بئر وكان تنزل عليه العرب في طريق الشام (3)، فقال أبو جهل: والله لأجد في نفسي غبنة (4) عظيمة إن رد محمد من سفره هذا سالما، ولقد عزمت على قتله، وكيف لي بالحيلة في قتله وهو ينظر من ورائه كما ينظر من أمامه، ولكن أفعل فسوف تنظرون، ثم عمد إلى الرمل والحصى وملا حجره وكبس (5) به البئر، فقال أصحابه: ولم تفعل ذلك؟ فقال: أريد دفن البئر حتى إذا جاء ركب بني هاشم وقد أجهدهم العطش فيموتوا عن آخرهم، فتبادر القوم بالرمل و الحصى ولم يتركوا للبئر أثرا، فقال أبو جهل لعنه الله: الآن قد بلغت مرادي، ثم التفت إلى عبد له اسمه فلاح وقال له: خذ هذه الراحلة، وهذه القربة والزاد واختف تحت الجبل (6)، فإذا جاء ركب بني هاشم يقدمهم محمد، وقد أجهدهم العطش والتعب ولم يجدوا للبئر أثرا فيموتوا فأتني بخبرهم، فإذا أتيتني وبشرتني بموتهم أعتقتك وزوجتك بمن تريد من أهل مكة، فقال: حبا وكرامة، ثم سار أبو جهل وتأخر العبد كما أمره مولاه، وإذا بركب بني هاشم قد أقبل يتقدمهم محمد، فتبادر القوم إلى البئر فلم يجدوا له أثرا، فضاقت صدورهم

(1) في المصدر: وهم يقولون: بسم الله وبالله.
(2) في المصدر: قول محمد.
(3) أضاف في المصدر: فحطوا رحالهم، وسقوا دوابهم، وأخذوا راحة.
(4) حرقة خ ل.
(5) كبس البئر: سواها ودفنها.
(6) لحف الجبل.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402