بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٣٥
وأيقنوا بالهلاك، فلاذوا بمحمد صلى الله عليه وآله (1)، فقال لهم: هل هنا موضع يعرف بالماء؟ قالوا نعم بئر قد ردمت (2) بالرمل والحجارة (3)، فمشى النبي صلى الله عليه وآله حتى وقف على شفير البئر فرفع طرفه إلى السماء ونادى: يا عظيم الأسماء، يا باسط الأرض، ويا رافع السماء، قد أضر بنا الظماء، فاسقنا الماء، فإذا بالحجارة والرمل قد تصلصلت (4)، وعين الماء قد نبعت وتفجرت، وجرى الماء من تحت أقدامه، فسقى القوم دوابهم، وملؤوا قربهم، وساروا و سار العبد إلى مولاه، وقال: ما وراءك يا فلاح؟ وقال: والله ما أفلح من عادى محمدا، وحدثهم بما عاين منه، فامتلى أبو جهل غيظا، وقال للعبد: غيب وجهك عني، فلا أفلحت أبدا، ثم سار حتى وصل واديا من أودية الشام يقال له: ذبيان، وكان كثير الأشجار، إذ خرج من ذلك الوادي ثعبان عظيم كأنه النخلة السحوق، ففتح فاه وزفر، وخرج من عينيه الشرار، فجفلت منه ناقة أبي جهل لعنه الله، ولعبت بيديها ورجليها ورمته فكسرت أضلاعه، فغشي عليه، فلما أفاق قال لعبيده: تأخروا (5) إلى جانب الطريق، فإذا جاء ركب بني هاشم يتقدمهم محمد قدموه علينا حتى إذا رأت ناقته الثعبان فعسى أن ترميه إلى الأرض فيموت، ففعل العبيد ما أمرهم به، وإذا بركب بني هاشم قد أقبل يتقدمهم محمد، فقال النبي صلى الله عليه وآله:
يا ابن هشام أراكم قد نزلتم وليس هو وقت نزولكم؟ فقال له: يا محمد، والله قد استحييت أن أتقدم عليك، وأنت سيد أهل الصفا، وأعلا حسبا ونسبا، فتقدم، فلعن الله من يبغضك، ففرح العباس بذلك، وأراد العباس أن يتقدم فنهاه النبي صلى الله عليه وآله وقال: ارفق يا عم، فما تقديمهم لنا إلا لمكيدة لنا (6)، ثم إنه صلى الله عليه وآله تقدم أمامهم ودخل إلى ذلك الشعب، و إذا بالثعبان قد ظهر فجفلت منه ناقة النبي صلى الله عليه وآله، فزعق بها النبي صلى الله عليه وآله وقال: ويحك

(1) في المصدر: وشكوا إلى النبي صلى الله عليه وآله.
(2) أي سدت.
(3) في المصدر: والحصى. مكان والحجارة.
(4) تصلصل: صوت.
(6) في المصدر: تنحوا.
(6) في المصدر: فما قدمونا سؤددا، وإنما هي مكيدة، فقف حتى أتقدم أنا. ثم إن النبي. إه‍.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402