بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٢٧
بها حيث شئت، قال: أريد الشام، قال: ذلك إليك، فسار النبي صلى الله عليه وآله والعباس إلى بيت خديجة، وكان من عادته صلى الله عليه وآله إذا أراد زيارة قوم سبقه النور إلى بيتهم، فسبقه النور إلى بيت خديجة، فقالت لعبدها ميسرة: كيف غفلت عن الخيمة حتى عبرت الشمس إلى المجلس؟ قال: لست بغافل عنها، وخرج فلم يجد تغير وتد ولا طنب، ونظر إلى العباس فوجده قد أقبل هو والنبي صلى الله عليه وآله معه، فرجع وقال لها: يا مولاتي هذا الذي رأيته من أنوار محمد صلى الله عليه وآله، فجاءت خديجة لتنظر إلى محمد، فلما دخل المجلس نهض أعمامه إجلالا له، وأجلسوه في أوساطهم، فلما استقر بهم الجلوس قدمت لهم خديجة الطعام (1) فأكلوا، ثم قالت خديجة: يا سيدي أنست بك الديار، وأضاءت بك الاقدار (2)، وأشرقت من طلعتك الأنوار، أترضى أن تكون أمينا على أموالي تسير بها حيث شئت؟ قال: نعم رضيت، ثم قال: أريد الشام، قالت: ذلك إليك، وإني قد جعلت لمن يسير على أموالي مائة وقية من الذهب الأحمر، ومائة وقية من الفضة البيضاء، وجملين وراحلتين (3)، فهل أنت راض؟ فقال أبو طالب رضي الله عنه، رضي ورضينا، وأنت يا خديجة محتاجة إليه، لأنه من حين خلق ما وقف له العرب على صبوة، وأنه مكين أمين، قالت خديجة: تحسن يا سيدي تشد على الجمل وترفع عليه الأحمال؟ قال: نعم، قالت: يا ميسرة: ايتني ببعير حتى أنظر كيف يشد عليه محمد، فخرج ميسرة وأتى ببعير شديد المراس، قوي الباس، لم يجسر أحد من الرعاة أن يخرجه من بين الإبل لشدة بأسه، فأدناه ليركبه فهدر وشقشق (4) واحمرت عيناه، فقال له العباس: ما كان عندك أهون من هذا البعير؟ تريد أن تمتحن به ابن أخينا؟
فعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله: دعه يا عم، فلما سمع البعير كلام البشير النذير برك على قدمي النبي صلى الله عليه وآله، وجعل يمرغ وجهه علي قدمي النبي صلى الله عليه وآله ونطق بكلام فصيح وقال:

(1) وما يوجب به الاكرام خ. قلت والزيادة موجودة في المصدر.
(2) الأقطار خ ل.
(3) وراحلة خ ل. وهو الموجود في المصدر.
(4) هدر البعير: ردد صوته في حنجرته. شقشق: هدر وأخرج شقشقته. والشقشقة: شئ كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402