بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٦١
هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا " إلى قوله: " توفني مسلما وألحقني بالصالحين " فروي في خبر عن الصادق عليه السلام أنه قال: دخل يوسف السجن وهو ابن اثنتي عشرة سنة، ومكث فيه (1) ثمان عشرة سنة، وبقي بعد خروجه ثمانين سنة، فذلك مائة سنة وعشر سنين. (2) توضيح: " وذلك كيل يسير " قال البيضاوي: أي مكيل قليل لا يكفينا، استقلوا ما كيل لهم فأرادوا أن يضاعفوه بالرجوع إلى الملك ويزدادوا إليه ما يكال لأخيهم، ويجوز أن يكون الإشارة إلى " كيل بعير " أي ذلك شئ قليل لا يضايقنا فيه الملك ولا يتعاظمه; وقيل: إنه من كلام يعقوب ومعناه: وإن حمل بعير شئ يسير لا يخاطر لمثله بالولد.
قوله تعالى: " خلصوا نجيا " أي تخلصوا واعتزلوا متناجين انتهى. (3) وقال السيد قدس الله روحه: فإن قيل: ما الوجه في طلب يوسف عليه السلام أخاه من إخوته ثم حبسه له عن الرجوع إلى أبيه مع علمه بما يلحقه عليه من الحزن؟ وهل هذا إلا إضرار به وبأبيه؟ قلنا: الوجه في ذلك ظاهر، لان يوسف عليه السلام لم يفعل ذلك إلا بوحي من الله تعالى إليه، وذلك امتحان منه لنبيه يعقوب عليه السلام وابتلاء لصبره وتعريض للعالي من منزله الثواب، ونظير ذلك امتحانه عليه السلام بأن صرف عنه خبر يوسف طول تلك المدة حتى ذهب بصره بالبكاء عليه، وإنما أمرهم يوسف عليه السلام بأن يلطفوا بأبيهم في إرساله من غير أن يكذبوه أو يخدعوه. فإن قيل: أليس قد قالوا له: " سنراود أباه " و المراودة هي الخداع والمكر؟ قلنا: ليس المراودة على ما ظننتم، بل هي التلطف والتسبب والاحتيال، وقد يكون ذلك من جهة الصدق والكذب جميعا، وإنما أمرهم بفعله على أحسن الوجوه، فإن خالفوه فلا لوم إلا عليهم.
فإن قيل: فما بال يوسف لم يعلم أباه عليه السلام بخبره لتسكن نفسه ويزل وجده مع علمه بشدة تحرقه وعظم قلقه؟ قلنا: في ذلك وجهان: أحدهما أن ذلك كان له ممكنا وكان عليه قادرا فأوحى الله تعالى إليه بأن يعدل عن اطلاعه على خبره، تشديدا للمحنة

(1) في نسخة: ومكث فيها.
(2) أمالي الصدوق: 149 - 152. م (3) أنوار التنزيل 1: 233. م
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست