بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٥٧
نحن أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن، ونحن من جبل كنعان، قال يوسف: ولد كم إذا ثلاثة أنبياء، وما أنتم بحلماء، ولا فيكم وقار ولا خشوع، فلعلكم جواسيس لبعض الملوك جئتم إلى بلادي؟! فقالوا: أيها الملك لسنا بجواسيس ولا أصحاب الحرب، ولو تعلم بأبينا إذا لكرمنا عليك، فإنه نبي الله وابن أنبيائه، وإنه لمحزون، قال لهم يوسف: فمما حزنه وهو نبي الله وابن أنبيائه، والجنة مأواه، وهو ينظر إليكم في مثل عددكم وقوتكم؟ فلعل حزنه إنما هو من قبل سفهكم وجهلكم وكذبكم و كيدكم ومكركم؟ قالوا: أيها الملك لسنا بجهال ولا سفهاء ولا أتاه الحزن من قبلنا، ولكن كان له ابن كان أصغرنا سنا يقال له يوسف فخرج معنا إلى الصيد فأكله الذئب، فلم يزل بعده كئيبا حزينا باكيا، فقال لهم يوسف عليه السلام: كلكم من أب واحد؟ قالوا:
أبونا واحد وأمهاتنا شتى، قال: فما حمل أباكم على أن سرحكم (1) كلكم إلا حبس منكم واحدا يأنس به ويستريح إليه؟ قالوا: قد فعل، قد حبس منا واحدا هو أصغرنا سنا، قال: ولم أختاره لنفسه من بينكم؟ قالوا: لأنه أحب أولاده إليه بعد يوسف.
فقال لهم يوسف عليه السلام: إني أحبس منكم واحدا يكون عندي وارجعوا إلى أبيكم و اقرؤوه مني السلام وقولوا له: يرسل إلي بابنه الذي زعمتم أنه حبسه عنده ليخبرني عن حزنه ما الذي أحزنه؟ وعن سرعة الشيب إليه قبل أوان مشيبه؟ وعن بكائه وذهاب بصره، فلما قال هذا اقترعوا بينهم فخرجت القرعة على شمعون، (2) فأمر به فحبس، فلما ودعوا شمعون قال لهم: يا إخوتاه انظروا ماذا وقعت فيه، واقرؤوا والدي مني السلام; فودعوه وساروا حتى وردوا الشام ودخلوا على يعقوب عليه السلام وسلموا عليه سلاما ضعيفا، فقال لهم:
يا بني ما لكم تسلمون سلاما ضعيفا؟ ومالي لا أسمع فيكم صوت خليلي شمعون؟ قالوا:
يا أبانا إنا جئناك من عند أعظم الناس ملكا، لم ير الناس مثله حكما وعلما وخشوعا وسكينة ووقارا، ولئن كان لك شبيه فإنه لشبيهك، ولكنا أهل بيت خلقنا للبلاء أتهمنا الملك وزعم أنه لا يصدقنا حتى ترسل معنا بابن يامين برسالة منك يخبره عن حزنك و

(1) أي أرسلكم وأطلقكم.
(2) وقيل: إن يوسف اختار شمعون لأنه كان أحسنهم رأيا فيه. منه رحمه الله.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست