بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٥٩
فقال له يوسف عليه السلام: أراك قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده؟! فقال له ابن يامين:
إن لي أبا صالحا وإنه قال لي: تزوج لعل الله عز وجل يخرج منك ذرية يثقل الأرض بالتسبيح، فقال له يوسف: تعال فاجلس على مائدتي، فقال إخوة يوسف: لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته، فأمر يوسف أن يجعل صواع الملك في رحل ابن يامين.
فلما تجهزوا " أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون * قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون * قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم * (1) قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين " وكان الرسم فيهم و الحكم أن السارق يسترق ولا يقطع " قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين * قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين * فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه " فحبسه، فقال إخوته لما أصابوا الصواع في وعاء ابن يامين: " إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون * قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نريك من المحسنين * قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون * فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم إلى تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين * ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين * واسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون " فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا ذلك له قال: إن ابني لا يسرق " بل سولت (2) لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم " ثم أمر بنيه بالتجهيز إلى مصر، فساروا حتى أتوا مصر فدخلوا على يوسف ودفعوا إليه كتابا من يعقوب يستعطفه فيه ويسأله رد ولده عليه، فلما نظر فيه خنقته العبرة ولم

(1) أي كفيل أؤديه إلى من رده. منه رحمه الله.
(2) أي زينت وسهلت لكم أنفسكم أمرا عظيما.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست