بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٦٠
يصبر حتى قام فدخل البيت فبكى ساعة ثم خرج إليهم فقالوا له: " يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة (1) فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين " فقال لهم يوسف: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون * قالوا أئنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين * قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين * قال لا تثريب عليكم (2) اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ".
ثم أمرهم بالانصراف إلى يعقوب وقال لهم " اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين " فهبط جبرئيل على يعقوب عليه السلام فقال: يا يعقوب ألا أعلمك دعاء يرد الله عليك به بصرك، ويرد عليك ابنيك؟ قال: بلى، قال: قل ما قاله أبوك آدم فتاب الله عليه، وما قاله نوح فاستوت به سفينته على الجودي ونجا من الغرق وما قاله أبوك إبراهيم خليل الرحمن حين ألقي في النار فجعله الله عليه بردا وسلاما، فقال يعقوب: وما ذاك يا جبرئيل؟ فقال: قل: " يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين أن تأتيني بيوسف وابن يامين جميعا وترد علي عيني " فما استتم يعقوب هذا الدعاء حتى جاء البشير فألقى قميص يوسف عليه فارتد بصيرا، فقال لهم: " ألم أقل لكم إني أعلم من الله مالا تعلمون * قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين * قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم " فروي في خبر عن الصادق عليه السلام أنه قال: أخرهم إلى السحر، فأقبل يعقوب إلى مصر وخرج يوسف ليستقبله فهم بأن يترجل ليعقوب ثم ذكر ما هو فيه من الملك فلم يفعل، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا يوسف إن الله عز وجل يقول لك: ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح؟ ما كنت فيه؟ ابسط يدك، فبسطها فخرج من بين أصابعه نور، فقال: ما هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا إنه لا يخرج من صلبك نبي أبدا عقوبة بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه فقال يوسف: " ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين * ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا " فقال يوسف ليعقوب: " يا أبت

(1) أي قليلة، أو بضاعة رديئة يرغب عنها كل تاجر.
(2) أي لا تقريع ولا تعيير عليكم. والتثريب: هو الاستقصاء في اللوم والتوبيخ.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست