بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٧٢
جائعا صابرا حامدا لله تعالى، وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم.
قال: فأوحى الله عز وجل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي، واستوجبت بها أدبي ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك، يا يعقوب إن أحب أنبيائي إلي وأكرمهم علي من رحم مساكين عبادي وقربهم إليه وأطعمهم وكان لهم مأوى وملجأ، يا يعقوب أما رحمت ذميال (1) عبدي، المجتهد في عبادته القانع باليسير من ظاهر الدنيا (2) عشاء أمس لما اعتر ببابك عند أوان إفطاره؟
وهتف بكم: أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع، فلم تطعموه شيئا، فاسترجع واستعبر وشكا ما به إلي، وبات طاويا حامدا لي، وأصبح لي صائما، وأنت يا يعقوب وولدك شباع، وأصبحت عندكم فضلة من طعامكم؟ أو ما علمت يا يعقوب أن العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي؟ وذلك حسن النظر مني لأوليائي، واستدراج مني لأعدائي، أما وعزتي لا نزل بك بلواي، ولأجعلنك وولدك غرضا لمصائبي، ولأوذينك بعقوبتي، فاستعدوا لبلواي وارضوا بقضائي واصبروا للمصائب; فقلت لعلي بن الحسين عليه السلام جعلت فداك متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال: في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب و آل يعقوب شباعا، وبات فيها ذميال طاويا جائعا، فلما رأى يوسف الرؤيا وأصبح يقصها على أبيه يعقوب فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف مع ما أوحى الله عز وجل إليه: (3) أن استعد للبلاء، فقال يعقوب ليوسف: لا تقصص رؤياك هذه على إخوتك فإني أخاف أن يكيدوا لك كيدا، فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها على إخوته; قال علي بن الحسين عليه السلام وكانت أول بلوى نزلت بيعقوب وآل يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا. (4) قال: فاشتدت رقة يعقوب على يوسف وخاف أن يكون ما أوحى الله عز وجل إليه من

(1) ذمل البعير: سار سير الينا، وفى القاموس: الذميلة: المعيبة، ولعل المراد في الحديث الذلة والاحتياج.
(2) في نسخة: من طاهر الدنيا.
(3) ": مغتما فأوحى الله إليه.
(4) ": لما سمعوا منه من الرؤيا.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست