حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٣ - الصفحة ١٩٦
التأخير كثيرا جدا بأن حل أجل المسلم فيه أو لم يكثر جدا بأن لم يحل أجله وإن كان التأخير بلا شرط فقولان في المدونة لمالك بفساد السلم وعدم فساده سواء كثر التأخير جدا أو لا. إذا علمت هذا تعلم أن في كلام المصنف أمورا أربعة: الأول: أن ظاهره سواء كانت الزيادة بشرط أم لا مع أن محل الخلاف إذا كانت بلا شرط وإلا فسد العقد اتفاقا، الثاني: أن قوله إن لم تكثر جدا الأولى إسقاطه لان ظاهره أن الزيادة إن كثرت جدا لا يختلف في الفساد وليس كذلك بل الخلاف في الزيادة بلا شرط ولو كثرت جدا وحل أجل السلم، الثالث: أن تعبيره بالتردد ليس جاريا على اصطلاحه فقد قال ح القولان كلاهما لمالك في المدونة، الرابع: كان من حق المصنف الاقتصار على القول بالفساد لتصريح ابن بشير بأنه المشهور كما في نقل ح عنه انظر بن وإذا علمت هذا تعلم ما في عبارة الشارح تبعا لعج. قوله: (أو كثر جدا) أي وكان التأخير بلا شرط. قوله: (فسد اتفاقا) أي فالاتفاق في ثلاثة أحوال والخلاف في حالة واحدة وهي ما إذا حصلت الزيادة على ثلاثة أيام بلا شرط ولم تبلغ أجل المسلم فيه. قوله: (وأن التأخير) أي مطلقا ولو من غير شرط. قوله: (وليس كذلك) أي بل التأخير إذا كثر جدا إن كان بشرط كان مفسدا مطلقا حل الاجل أو لم يحل باتفاق وإن كان بغير شرط أفسد اتفاقا إن حل الاجل وإلا فمن محل التردد هذا كلامه وقد علمت عدم صحته. قوله: (وجاز بخيار) أي حال كونه ملتبسا بخيار وقوله لما يؤخر إليه اللام بمعنى إلى وما واقعة على زمان أو أجل وضمير يؤخر راجع لرأس المال لا على ما فكان الواجب إبراز الضمير أي لما يؤخر هو إليه.
قوله: (ولو في رقيق ودار) ولو كان رأس المال رقيقا أي أو دارا وليس مراده أن الدار مسلم فيها لما سيأتي من منع ذلك. قوله: (على المعتمد) اعلم أن ما ذكره من أن أمد الخيار هنا ثلاثة أيام في الأنواع كلها هو ظاهر المدونة وذهب ابن محرز إلى أن الخيار يختلف هنا باختلاف جنس رأس المال من دار ورقيق وغيرهما مثل ما تقدم في باب الخيار ورده عياض وابن عرفة انظر ح. قوله: (فيجوز نقده) الأولى اشتراط الخيار مع نقده تطوعا. قوله: (مفسد) أي للسلم الواقع على الخيار. قوله: (كان مما يعرف بعينه أم لا) إن قلت: إذا كان مما يعرف بعينه كثوب وحيوان فلا يلزم في نقده بشرط سلف فما وجه منعه قلت: وجه المنع أن فيه دخولا على غرر لأنه على تقدير إذا تم البيع كان ثمنا وعلى تقدير عدم تمامه كان المسلم إليه قد انتفع به باطلا، قاله أبو الحسن في كتاب الخيار. وكما لا يجوز للبائع اشتراط النقد لينتفع به أمد الخيار كذلك لا يجوز للمبتاع اشتراط الانتفاع بالمبيع أمد الخيار لأنه غرر أيضا لأنه إن لم يتم البيع كان قد انتفع بالسلعة باطلا من غير شئ ا ه‍ بن. قوله: (جائز) أي في السلم الواقع على الخيار. قوله: (كسكنى دار) أي كأسلمك سكنى داري هذه أو خدمة عبدي فلان أو ركوب دابتي هذه شهرا في إردب قمح آخذه منك في شهر كذا. قوله: (إن قبضت) أي المنفعة أي إن شرع في قبضها وأشار بهذا إلى أن منفعة المعين سواء كان حيوانا أو عقارا أو عرضا كسفينة مثلا ملحقة بالعين فلا بد من قبضها حقيقة أو حكما وقبضها بقبض أصلها ذي المنفعة والشروع في استيفائها منه فلا بد من قبض أصلها حين العقد أو قبل مجاوزة أكثر من ثلاثة أيام والشروع في قبضها منه ويكتفي بذلك في سلم المنفعة، ولو قلنا أن قبض الأوائل ليس قبضا للأواخر لان غاية ما يلزم عليه ابتداء الدين بالدين وقد استخفوه في السلم. قوله: (ولو تأخر استيفاؤها عن قبض المسلم فيه) كأسلمك سكنى هذه الدار سنة في إردب قمح آخذه منك بعد مضي شهر من هذه السنة. قوله: (بناء على أن قبض الأوائل قبض للأواخر) هذا مرتبط بقوله ولو تأخر استيفاؤها عن قبض المسلم فيه أي وأما على أن قبض الأوائل ليس قبضا للأواخر فلا يجوز إذا تأخر استيفاؤها عن قبض المسلم فيه.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست