مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٢٢٤
ولا يأخذه من التركة، وهو قول المدنيين. انتهى من ابن سلمون. فتحصل من هذا أن الاقرار للوارث بشئ إذا قام به المقر له بعد موت المقر وشهدت به البينة، فإن كان يعرف وجه ذلك أو سبب يدل عليه جاز ذلك، وسواء كان الاقرار في الصحة أو في المرض، وإن لم يعرف وجهه ولا سببه وكان الاقرار في الصحة ففيه قولان: أحدهما: إنه نافذ ويؤخذ من تركته في الموت ويحاص به الغرماء في الفلس، وهو قول ابن القاسم في المدونة والعتبية: والثاني: أنه لا يحاص به الغرماء في الفلس ولا يأخذه من التركة في الموت. وهو قول المدنيين للتهمة عندهم. قال ابن رشد: لا يحاص به على قول ابن القاسم إلا مع الدين الذي استدانه بعد الاقرار، وأما القديم قبل الاقرار فإن ثبت ميله إليه فيلزم المقر له اليمين على صحة ترتب ذلك قبله. واختار ابن رشد إبطال الاقرار بالدين مراعاة لقول المدنيين والله أعلم.
مسألة: وإن ولاه ما اشتراه بثمن كثير بثمن يسير أو أشهد أنه باعه منزله بشئ يسير وهو يساوي شيئا كثيرا، فذلك توليج كما صرح به في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب الصدقات والهبات، وفي رسم كتب عليه ذكر حق، وفي سماع أصبغ الثاني الواقع بعد سماع أبي زيد منه. واختلف بعد ذلك هل يبطل ذلك مطلقا وهو قول أصبغ، لأنه لم يسم هبة فيكفي فيه الحوز وعزاه لابن القاسم، أو يكون كالهبة إن حازه الأب له حاز وهو قول مالك وغيره، وأما إذا أقر له بشئ في يده من مال أو متاع فحكمه حكم الهبة. قال ابن رشد في أول رسم من سماع أصبغ من كتاب الوصايا: إقرار الرجل بما في يديه من الدور والمتاع التي لا يعرف ملكه لها إنها لابنه من ميراثه في أمه كإقراره له في مرضه بالدين من ذلك لا يجوز إلا أن يشبه قوله ويعرف وجه إقراره أنه كان لامه من المال نحو ما أقر به، وكذلك في كتاب ابن المواز إن أقر الرجل في مرضه بالدين لابنه لا يقبل منه إلا أن يكون لذلك وجه أو سبب يدل، وإن لم يكن قاطعا، ولو كانت الدور التي أقر أنها لابنه من ميراثه في أمة يعرف ملكه لها لم يجز إقراره لابنه بها في مرضه على حال، ولو أقر له بها في صحته لكان إقراره له بها كالهبة تصح له إن حازها بيد تحويز الآباء لمن يلزمهم من الأبناء على ما في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب الصدقة والهبة، وفي غيره من المواضع خلاف قول أصبغ في سماعه منه انتهى. يعني أن أصبغ يقول: لا يصح ذلك للابن ولو حازه الأب لأنه لم يسمه هبة. وقال ابن رشد في آخر رسم الوصايا من سماع أشهب من كتاب الوصايا إقرار الرجل في صحته أو في مرضه بما يعرف ملكه له من شئ بعينه أنه لفلان وفلان، وارث أو غير وارث، يجري مجرى الهبة والصدقة ويحل محلهما ويحكم له بحكمها إن حاز ذلك المقر له به في صحة المقر جاز له وإلا لم يجز. هذا مما لا اختلاف فيه أحفظه إلا أن يكون أقر له بذلك على سبيل الاعتذار فلا يلزمه حسبما مضى القول فيه في رسم البز من سماع ابن القاسم من كتاب الصدقات والهبات، وفي رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح، وانظر نوازل ابن رشد في مسائل البيوع والمشذالي في آخر البيوع الفاسدة،
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست