مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ١٢٢
الاتساع بغير ضرورة حموه إن شاء الله، ومن أدخل منهم في بنيانه ما كان له أن يحميه ببرج يسد داره أو حظر حظيرة وزاده في داره، لم ير أن يعرض له ولا يمنع إذا كان الطريق وراءه وساعة منبسطة لا تضر بوجه من الوجوه ولا تضيق قال: وأكره له ابتداء أن يحظره أو يدخله في بنيانه مخافة الاثم عليه، وإن فعل لم أعر عليه فيه بحكم ولم أمنعه منه وقلدته منه ما تقلد. وقد بلغني أن مالكا كره له البنيان، وأنا أكره له بدأ، فإذا فات على ما وصفنا لم أر أن يعرض له فيه. قال أصبغ: وقد نزل مثل هذا عندنا واستشارني فيه السلطان وسألني النظر إليه يومئذ، فنظرت فرأيت أمرا واسعا جدا فجا من الفجوج وكان له محيط محظور عن الطريق يجلس فيه الباعة فكسره وأدخله في بنيانه، فرأيت ذلك واسعا وأشرت به على السلطان فحكم به، وسألت عنه أشهب يومئذ فذهب مذهبي وقال مثل قولي. قال ابن حبيب وقول مطرف وابن الماجشون فيه أحب إلي وبه أقول إلا أن يكون له أن ينتقص الطريق والفناء ببناء يسد به جداره أو يدخله في داره وإن كانت الطريق واسعة صحراء في سعتها لأنها حق لجميع المسلمين لي لاحد أن ينتقصه كما لو كان حقا لرجل لم يكن لهذا أن ينتقصه إلا بإذنه ورضاه، وقد قال رسول الله (ص) من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين. وإنما يفسر قضاء عمر بن الخطاب بالأفنية لأرباب الدور بالانتفاع للمجالس والمرابط والمساطب وجلوس الباعة فيه للبياعات الخفيفة والأفنية، وليس بأن تحاز للبنيان والتحظير، وكذلك سمعت من أرضي من أهل العلم يقول في تأويل ذلك، ثم ذكر ابن حبيب خبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هدم كير الحداد وأثر عن النبي (ص) في اقتطاع الأفنية والطرق والوعيد في ذلك في المجموعة.
روى ابن وهب عن ابن سمعان أن من أدرك من العلماء قالوا في الطريق يريد أهلها بنيان عرصتها أن الأقربين يقتطعونها بالحصص على قدر ما شرع فيها من رباعهم، فيعطى صاحب الربعة الواسعة بقدر ما شرع فيها من ربعهم، وصاحب الصغيرة بقدرها ويتركون لطريق المسلمين. قال القاضي ابن سهل: وهذا أشد ما أنكره منكرهم من قو أصبغ، لان أصبغ كرهه ابتداء ورأي أن تركه لمن فعله إذا كان واسعا رحراحا فجا من الفجوج، وقال ابن أبي زيد في نوادره: قال لنا أبو بكر بن محمد اختلف أصحابنا فيمن يزيد في بنيانه من الفناء الواسع لا يضر فيه بأحد، فروى ابن وهب عن مالك أنه ليس له ذلك. وقال عنه ابن القاسم:
لا يعجبني ذلك. ولابن وهب عن ربيعة في المجموعة: من بنى مسجدا في طائفة من داره فلا يتزيد فيه من الطريق. وقال مالك: لا بأس بذلك إن كان لا يضر بالطريق. وفي كتاب ابن سحنون: وسأله ابن حبيب عمن أدخل في داره من زقاق المسلمين النافذ شيئا فلم يشهد به
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست