مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
الدرب دهليز. قال الأسنوي: ولو كان له دار بوسط السكة وأخرى بآخرها فالمتجه أنه يجوز لمن داره بينهما منعه من تقديم باب المتوسطة إلى آخر السكة، لأنه وإن كان شريكا في الجميع لكان شركته سببها إنما هو إليها خاصة، وقد يبيع لغيره فيستفيد زيادة الاستطراق. ولو كان له في السكة قطعة أرض فبناها دورا وفتح لكل واحدة بابا جاز، قاله البغوي في فتاويه) (ومن له داران تفتحان) بفتح الفوقانية أوله، (إلى دربين) مملوكين (مسدودين، أو) درب مملوك (مسدود، وشارع ففتح بابا بينهما لم يمنع في الأصح) لأنه يستحق المرور في الدرب، ورفع الحائل بين الدارين تصرف في ملكه فلم يمنع حقه.
وتبع المصنف ك الرافعي في تصحيح هذا البغوي، وهو المعتمد. والثاني، وهو ما نقله في الروضة عن العراقيين عن الجمهور، وجرى عليه ابن المقري: المنع، لأنه في صورة الأولى يثبت لكل من الدارين استطراقا في الدرب الآخر لم يكن له، وفي الثانية يثبت للملاصقة للشارع حقا في المسدود لم يكن لها.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف أنه لا فرق في جريان الخلاف بين أن يبقي البابين على حالهما أو يسد أحدهما، وهو كذلك وإن خصه الرافعي بما إذا سد باب أحدهما وفتح الباب لغرض الاستطراق. وقوله: مسدودين أو مسدود وشارع كان الأولى أن يقول: مملوكين أو مملوك وشارع كما قدرته في كلامه، لأنه لا يلزم من السد الملك، بدليل ما لو كان في أقصاه مسجد أو نحوه كما مر. وقوله: تفتحان هو بالمثناة فوق في أوله، لأن الدار مؤنثة، وكذا كل فعل كان فاعله ضميرا لغائبتين، قاله المصنف في الدقائق. قال أبو حيان: وبه ورد السماع، قال تعالى: * (فيهما عينان تجريان) *، وقال: * (أن تزولا) *، وقال: * (امرأتين تذودان) *.
وجوز ابن فارس فيه الياء من تحت. (وحيث منع فتح الباب فصالحه أهل الدرب بمال صح) لأنه انتفاع بالأرض بخلاف إشراع الجناح، لأن هناك بذل مال في مقابلة الهواء المجرد. هذا إذا صالحوه على الاستطراق، أما إذا صالحوه على مجرد الفتح بمال فلا يصح قطعا. ثم إن قدروا للاستطراق مدة فهو إجارة، وإن أطلقوا أو شرطوا التأبيد فهو بيع جزء شائع من الدرب له، وينزل منزلة أحدهم، كما لو صالح رجلا على مال ليجري في أرضه ماء النهر كان ذلك تمليكا لمكان النهر، بخلاف ما لو صالحه بمال على فتح باب من داره، أو أن يجري الماء على سطحه، فإنه وإن صح لا يملك شيئا من الدار والسطح، لأن السكة لا تراد إلا للاستطراق فإثباته فيها يكون نقلا للملك، وأما الدار والسطح فلا يقصد بهما الاستطراق وإجراء الماء. وقيد الأذرعي الجواز في تقدير المدة وعدمه بما إذا لم يكن بالدرب مسجد ونحوه كدار موقوفة على معين أو غيره، وإلا فلا يجوز إذ البيع لا يتصور في الموقوف وحقوقه. قال: وأما الإجارة والحالة هذه فيتجه فيها تفصيل لا يخفى على الفقيه استخراجه. ولو أذن صاحب الدرب لانسان في حفر سرداب تحت داره ثم باعها فللمشتري أن يرجع كما كان للبائع، قاله العبادي. (ويجوز) للمالك (فتح الكوات) في جداره في الدرب النافذ وغيره، سواء أكان من أهل الدرب أم من غيرهم، سواء أكان للاستضاءة أم لا، أذنوا أم لا، لأنه تصرف في ماله، لأن له إزالة جواره وجعل شباك مكانه. والكوات جمع كوة بفتح الكاف: الطاقة، وفي لغة غريبة بضمها، والواو مشددة فيهما وجمعها المصنف جمع تصحيح، وفي كافة اللغتان، ويجمع جمع تكسير فتجمع المفتوحة على كواء بالكسر مع المد والقصر، والمضمومة على كوى بالضم والقصر.
تنبيه: غالب ما تفتح الكوات للاستضاءة. وله نصب شباك عليها بحيث لا يخرج منه شئ، فإن خرج هو أو غطاؤه كان كالجناح، قال السبكي: فليتنبه لهذا، فإن العادة أن يعمل في الطاقات أبواب تخرج فيمنع من هواء الدرب. هذا في حق من ليس له فتح للاستطراق، فإن كان له ذلك فلا منع من أبواب الطاقات. وقضية إطلاق المصنف أنه لا فرق بين الجواز بين كون الكوة عالية أو لا، وهو كذلك وإن قيده الجرجاني بما إذا كانت عالية لا يقع النظر منها إلى دار جاره، فقد صرح الشيخ أبو حامد بجواز فتح كوة في ملكه مشرفة على جاره وعلى حريمه، وليس
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429