مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٩٨
أو تلف معه بتفريط طالبه لأنه صار ضامنا، وبطل حقه لزعمه استيفاءه. (وإن قال) المستحق عليه (أحلتك فقال) المستحق (وكلتني) أو قال: أردت بقولك أحلتك الوكالة، (صدق الثاني بيمينه) في الأولى جزما، لأن الأصل بقاء حقه. وفي الثانية في الأصح. ويظهر أثر فائدة هذا الخلاف عند إفلاس المحال عليه. وإذا حلف المستحق في الصورتين اندفعت الحوالة ويأخذ حقه من الآخر، ويرجع به الآخر على المحال عليه في أحد وجهين رجحه ابن المقري تبعا لاختيار ابن كج. فإن كان قد قبضه فله تملكه لحقه لأنه من جنس حقه، وإن تلف بلا تفريط لم يضمن لأنه وكيل وهو أمين أو بتفريط ضمن وتقاصا.
خاتمة: للمحتال أن يحيل غيره وأن يحتال من المحال عليه على مدينه. ولو أجر جندي إقطاعه وأحال ببعض الأجرة على المستأجر ثم مات تبين بطلان الإجارة فيما بعد موته من المدة وبطلان الحوالة فيما يقابله، وتصح الإجارة في المدة التي قبل موت المؤجر فتصح الحوالة بقدرها، ولا يرجع المحال عليه بما قبضه المحتال منه من ذلك ويبرأ المحيل منه. ولو أقرض شخص اثنين مائة مثلا على كل واحد منهما خمسون وتضامنا فأحال بها شخصا على أن يأخذ من أيهما شاء جاز في أصح الوجهين، وقيل: لا يجوز لأنه لم يكن له إلا مطالبة واحد فلا يستفيد بالحوالة زيادة صفة، ووجه الأول أنه لا زيادة في القدر ولا في الصفة. قال الأسنوي: ولو أحال على أحدهما بخمسين فهل تنصرف إلى الأصلية أو توزع أو يرجع إلى إرادة المحيل فإن لم يرد شيئا صرفه بنيته؟ فيه نظر، وفائدته فكاك الرهن الذي يأخذه، أي بخمسين اه‍. والقياس كما قال شيخنا الرجوع إلى إرادته. ولو أقام بينة أن غريمه الدائن أحال عليه فلانا الغائب سمعت وسقطت مطالبته له، فإن لم يقم بينة صدق غريمه بيمينه. ولا يقضى بالبينة للغائب بأن تثبت بها الحوالة في حقه حتى لا يحتاج إلى إقامة بينة إن قدم في أحد وجهين رجحه ابن سريج، إذ لا يقضى بالبينة للغائب، والوجه الثاني: يقضى بها، وهو احتمال لابن الصباغ، لأنه إذا قدم يدعي على المحال عليه لا المحيل وهو مقر له، فلا حاجة إلى إقامة البينة.
باب الضمان:
هو لغة: الالتزام، وشرعا: يقال الالتزام حق ثابت في ذمة الغير أو إحضار من هو عليه أو عين مضمونة، ويقال للعقد الذي يحصل به ذلك، ويسمى الملتزم لذلك ضامنا وضمينا وحميلا وزعيما وكافلا وكفيلا وصبيرا وقبيلا. قال الماوردي: غير أن العرف جار بأن الضمين مستعمل في الأموال، والحميل في الديات، والزعيم في الأموال العظام، والكفيل في النفوس، والصبير في الجميع. والأصل فيه قبل الاجماع أخبار كخبر: الزعيم غارم رواه الترمذي وحسنه وابن حبان وصححه، وخبر الصحيحين: أنه (ص) أتي بجنازة، فقال: هل ترك شيئا؟ قالوا: لا، قال: هل عليه دين؟ قالوا: ثلاثة دنانير، فقال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعلي دينه فصلى عليه. وذكرت في شرح التنبيه ما له بهذا الخبر تعلق، وإنما لم أستدل بقوله تعالى: * (ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) * لأنه شرع من قبلنا، وهو ليس بشرع لنا على الصحيح وإن ورد في شرعنا ما يقرره خلافا لبعض المتأخرين. وأركان ضمان المال خمسة: ضامن، ومضمون له، ومضمون عنه، ومضمون به، وصيغة، وكلها تؤخذ من كلامه كما ستراه. وبدأ بشرط الضامن، فقال: (شرط الضامن) ليصح ضمانه (الرشد) وهو كما تقدم في باب الحجر صلاح الدين والمال لأن الضمان تصرف مالي، فلا يصح من مجنون وصبي ومحجور عليه بسفه لعدم رشدهم.
تنبيه: يرد على طرد هذه العبارة المكره والمكاتب إذا ضمن بغير إذن سيده والأخرس الذي لا تفهم إشارته
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429